يضج مجتمع الأعمال في الغرب منذ بضع سنوات بالحديث عن التنوع والشمول في بيئة العمل، لما لمس من ذلك من فوائد تجارية بحتة للمنشآت، وعلى الرغم من أن المجتمع السعودي ذي المرجعية الإسلامية التي تمثل قيم العدالة والتكريم فيها قيمًا مركزية؛ يختلف في ثقافته جذريًا عن المجتمع الغربي ذي المرجعية المادية، إلا أن زخم الأبحاث والتجارب الغربية التي أجريت مؤخرًا وتوصلت إلى معارف مفيدة من شأنها أن تثري بيئة الأعمال في المملكة. وتتنوع أعمال المؤسسات السعودية بين المهام الروتينية والإدارية والأعمال الإبداعية والفنية، مما يميزها عن الأعمال في الغرب من حيث طبيعة المهام والبيئة التنظيمية. كل ذلك جعل من المهم أن نلقي نظرة فاحصة على هذا الموضوع، لنعرف كيف يمكن أن نوظف استراتيجيات التنوع والشمول في الشركات السعودية لصالح اقتصاد أكثر كفاءة وحيوية، مع الأخذ في الاعتبار العوامل المؤثرة في بيئة العمل السعودية مثل العوامل المادية والاجتماعية والثقافية.
ما هي بيئة العمل المتنوعة والشاملة؟
بيئة العمل المتنوعة والشاملة هي البيئة التي تعترف بالاختلافات بين الموظفين وتقدرها، فيشعر فيها الجميع من مختلف الخلفيات بالترحيب والاحترام ويضمنون الحصول على فرص عادلة في الترقية، والمساهمة وإحداث التأثير في المنشأة، كما أنهم ينالون الدعم والمساعدة اللازمين للقيام بوظائفهم على أفضل نحو. وتلعب العلاقات القوية بين الموظفين والإدارة دورًا مهمًا في تعزيز بيئة العمل الشاملة، حيث يسهم الاحترام المتبادل والتفاهم في بناء بيئة إيجابية.
يأخذ التنوع في بيئة العمل أشكالًا مختلفة، مثل الاختلاف في العرق، والجنسية، والنوع، والعمر، والطبقة الاجتماعية والاقتصادية، ويمتد إلى الاختلافات في القدرات البدنية (سليم- ذوي الاحتياجات الخاصة) والحالة الاجتماعية (أعزب- متزوج- أب- ..إلخ) ونظام العمل (من المكتب- عن بعد)، كما أنه يمثل أحد عوامل إثراء المنشأة، إذ يستطيع الموظفون المتنوعون ذوي الأصوات ووجهات النظر المختلفة الوصول إلى أفكار، وحلول وعمليات أفضل وبالتالي منتج أفضل. كما أن المهام المتنوعة التي يقوم بها الموظفون تساهم في تحقيق الأهداف التنظيمية وتعزز من فعالية العمل الجماعي.
أما الشمول فيهدف إلى تعزيز شعور جميع الموظفين بالانتماء إلى مكان العمل، فلا أحد يخجل من هويته ولا يحتاج الموظف إلى إخفاء أي سمة شخصية بمجرد أن تطأ قدماه المنشأة، ويشعر الجميع بالراحة والتقدير على كل المستويات الوظيفية، كما أن الموظف الذي يمثل فئة ديموغرافية معينة (ذوي الاحتياجات الخاصة مثلًا) لا يشعر بأنه مجرد تمثيل لفئة معينة في المنشأة، بل الفرصة متاحة أمامه للتأثير في المنشأة كغيره من الأصحاء، ويمثل الشمول مسارًا لتحقيق التنوع، فبدونه سيغادر الموظفون المنشأة إلى مكان أكثر ترحيبًا وعدالة. وتلعب الإجراءات التنظيمية الداعمة دورًا أساسيًا في ضمان العدالة والشمول لجميع الموظفين.
ومن العناصر الأساسية التي تميز بيئة العمل المتنوعة والشاملة: العلاقات الإيجابية، تنوع المهام، الإجراءات التنظيمية الداعمة، وثقافة الاحترام والتقدير.
أهمية التنوع والشمول في بيئة العمل السعودية؟
تؤكد ثلاثة تقارير صادرة عن معهد ماكينزي للأبحاث العلاقة الارتباطية بين أداء المنشآت والتنوع، وتشير إلى تأثيره في احتمالات التفوق المالي خاصة على مستوى الإدارة التنفيذية، حيث تؤثر عوامل التنوع بشكل مباشر في الأداء المالي للمؤسسات. أما على صعيد الأرباح فقد سجلت التقارير تفوق الشركات ذات التنوع العرقي والثقافي في در أرباح أعلى بنسبة 36% من غيرها، كما أن التنوع والشمول يسهمان في تحقيق نتائج إيجابية للشركات من خلال تعزيز الرضا الوظيفي وزيادة الإنتاجية في بيئة العمل.
نمر سريعًا فيما يلي على المجالات الرئيسية الستة التي من المتوقع أن تتأثر بثقافة التنوع والشمول في الشركات السعودية، مع التركيز على الأهداف التنظيمية التي تسعى الشركات لتحقيقها من خلال تطبيق هذه الثقافة:
جذب كفاءات أفضل
عندما توسع المنشأة من نطاق البحث عن المرشحين للوظائف الجديدة ليشمل فئات متنوعة من حيث الجنسية والعمر .. إلخ، فإنها بذلك تزيد من فرصها في العثور على الموظف الأكثر امتلاكًا لمقومات الوظيفة وإتقانًا لمهاراتها، بالإضافة إلى ما سبق يحرص الموظفون المتميزون على الانضمام إلى منشآت ذات سمعة حسنة فيما يخص العدالة والإنصاف بين موظفيها، ويمثل ذلك عاملًا من عوامل تقييم عرض العمل والمنشأة، إذ يعي هؤلاء الموظفين جيدًا التأثير المحفز والإيجابي التي تتركه بيئة العمل الشاملة على أدائهم ونموهم الوظيفي. كما أن بيئة العمل الشاملة تساعد الموظفين على تطوير عملهم وتحقيق إمكاناتهم.
تحسين عملية صنع القرار
تمر المنشآت بأوقات حرجة تكون فيها أحوج ما تكون إلى مهارة حل المشكلات والرؤية النافذة متعددة الأبعاد للأمور، ويلعب التنوع دورًا مهمًا في هذه الأوقات إذ يمد المنشأة بوجهات نظر متعددة تجعل عملية صنع القرار أكثر كفاءة وتؤدي إلى قرارات أعلى جودة. كما أن أهمية العقلية المنفتحة والمتنوعة تظهر في تحسين عملية اتخاذ القرار، حيث تساهم في تعزيز التفكير النقدي والقدرة على تحليل المشكلات من زوايا مختلفة.
ابتكار أكثر
لا تؤدي وجهات النظر المختلفة إلى قرارات أفضل فقط، بل تطور حلولًا إبداعية وتضع مناهج غير تقليدية تساعد المنشأة على التكيف سريعًا مع ظروف السوق وأي اضطراب يظهر في الأفق. يمكن للمنشأة الاستفادة من التنوع من خلال معرفة كيفية تطوير حلول مبتكرة تجمع بين خبرات وخلفيات متعددة. فأعضاء فريق العمل المتنوعين من حيث الجنسية، والتعليم والعمر هم أكثر قدرة على فهم العملاء، وبالتالي أكثر قدرة على تصميم منتجات وخدمات تناسب احتياجات العميل المثالي على نحو أفضل.
زيادة رضا الموظفين
الموظف الذي يشعر بالعدالة والتقدير في مكان عمله هو أكثر استعدادًا لبذل كل ما في وسعه من أجل المنشأة، فانتمائه قوي، ومعنوياته عالية، وصحته النفسية والجسدية في حالة متزنة وبالتالي إجازاته أقل. كما أن أهمية التعامل الفعّال مع التحديات والضغوطات في بيئة العمل الشاملة تلعب دورًا كبيرًا في تعزيز رفاهية الموظفين واستقرارهم. بالإضافة إلى ما سبق تتسم بيئة العمل الشاملة باهتمام القادة بتقدير ومكافأة الموظفين أيًا كانت هويتهم، وبالتالي يتمتع هؤلاء القادة بثقة موظفيهم، وهو ما يجعل التنوع والشمول في الشركات السعودية ينعكس مباشرة في رغبة الموظفين بالبقاء وبالتالي يتحسن معدل الاحتفاظ بالموظفين وينخفض معدل الدوران.
أرباح أعلى
عندما يشعر الموظفون بالترحيب ويعملون بنشاط أكبر ولا يتوانون عن تقديم أفضل ما لديهم، يصب ذلك في مصلحة المنشأة مباشرة، لذلك ليس بمستغرب أن تحقق بيئة العمل الشاملة نتائج أفضل وتدر على المنشأة أرباح أكثر. وهي بيئة تتيح للموظفين من خلفيات متنوعة التعاون وتبادل الأفكار بحرية، مما يؤدي إلى حلول مبتكرة وزيادة الإنتاجية وبالتالي تحقيق أرباح أعلى.
سمعة حسنة في السوق
إذا تدهورت سمعة المنشأة في السوق بسبب افتقار الموظفين للاحترام والأمان، تكون أكثر عرضة لانصراف العملاء عنها وخسارة الدعم الحكومي. في الحالة المثالية، يكون للمنشأة سمعة قوية وإيجابية في السوق، مما يعزز ثقة العملاء ويجذب أفضل الكفاءات. على العكس من ذلك تربح المنشآت ذات السمعة الحسنة فيما يخص التنوع والشمول توصيات من الموظفين كمكان عمل رائع يستقطب الكفاءات.
ثقافة الشركة ودورها في تعزيز التنوع والشمول
تلعب ثقافة الشركة دورًا محوريًا في تعزيز التنوع والشمول داخل بيئة العمل، فهي الأساس الذي يُبنى عليه نجاح أي مؤسسة تسعى لتحقيق التميز والتفوق في السوق. عندما تكون ثقافة الشركة داعمة ومفتوحة لجميع الموظفين، بغض النظر عن خلفياتهم أو أصولهم، يشعر الجميع بالانتماء والثقة، ما ينعكس بشكل مباشر على أداء الموظفين وإنتاجيتهم.
إن تعزيز التنوع والشمول في بيئة العمل لا يقتصر فقط على السياسات والإجراءات، بل يبدأ من القيم والمبادئ التي تتبناها الإدارة العليا وتعمل على ترسيخها بين جميع أفراد الشركة. يجب على الإدارة أن تضع نصب أعينها أهمية خلق بيئة عمل إيجابية تشجع على التواصل الفعّال بين الموظفين، وتوفر لهم الدعم والتقدير اللازمين لتحقيق أفضل أداء ممكن.
الشركات التي تتبنى ثقافة متنوعة وشمولية تجد نفسها قادرة على جذب أفضل المواهب من مختلف الخلفيات، كما تحقق مستويات عالية من الرضا الوظيفي بين الموظفين. هذا التنوع في بيئة العمل يعزز الإبداع والابتكار، ويساعد في تقديم حلول جديدة تلبي احتياجات العملاء وتواكب تطورات السوق.
لتحقيق ذلك، ينبغي على الشركات توفير برامج تدريبية وتطويرية تركز على تعزيز مهارات الموظفين وتحفيزهم على تحقيق أهدافهم الوظيفية. كما أن توفير مساحات عمل مشتركة وتشجيع الموظفين على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والتطوعية يساهم في تعزيز روح التعاون والتواصل بينهم، ويخلق بيئة عمل إيجابية يشعر فيها الجميع بالدعم والانتماء.
من المهم أن تدرك الإدارة أن بيئة العمل المتنوعة والشمولية ليست مجرد ميزة تنافسية، بل هي ضرورة لتحقيق النجاح المستدام. فكلما شعر الموظفون بأنهم جزء من ثقافة الشركة، زادت رغبتهم في تقديم أفضل ما لديهم، وارتفع مستوى الإنتاجية والأداء العام للمؤسسة.
في النهاية، يجب على الشركات أن تضع تحسين بيئة العمل على رأس أولوياتها، وأن تعمل باستمرار على تعزيز ثقافة التعاون والدعم والتواصل بين الموظفين. فبيئة العمل الإيجابية هي المفتاح لتحقيق أعلى مستويات الرضا الوظيفي، وتحفيز الموظفين على الابتكار والإبداع، والوصول إلى أهداف الشركة بكفاءة وفعالية.
تحديات تطبيق التنوع والشمول في الشركات السعودية
هل تحقيق التنوع والشمول في الشركات السعودية أسهل قولًا من الفعل؟ تجيب عن هذا السؤال التحديات التي قد تواجهها المنشآت في سبيل مكافحة التمييز وتبني سياسة التنوع الثقافي. كما أن المؤسسة قد تواجه صعوبات في تطبيق سياسات التنوع والشمول بسبب ثقافة المؤسسة أو بنيتها التنظيمية.
انشغال القادة
أي تغيير جوهري في المنشأة يبدأ من القادة، لذلك إذا كانت القيادة تتخذ من “الانشغال الشديد” مبررًا لعدم تركيزها على تبني التنوع والشمول في الشركات السعودية، فإن أي جهود تبذل في هذا الصدد ستكون عشوائية مفتقرة للتنظيم والموارد الكافية وبالتالي تكون أقل فعالية.
الحاجة إلى التدريب
يحتاج المديرون في كل الأقسام إلى الحصول على تدريب مناسب على التنوع والشمول في الشركات السعودية وما أهميته وما هو المتوقع منهم؟ فالمديرون هم طليعة التغيير للأفضل بناء على القيادة بالقدوة، وينبغي أن تعكس سلوكياتهم مكافحة التمييز وتمكين المرأة في العمل، سواء في مقابلات التوظيف التي يديرونها، أو الطريقة التي يتعاملون بها مع المرؤوسين أو تقدير جهود الموظفين اليومية.
التكتلات
تكتلات الموظفين هي أقرب لبيئة العمل المتحيزة منها لبيئة العمل الشمولية، لذلك تمثل عائقًا حقيقيًا في طريق إرساء ثقافة التنوع والشمول وتقود إلى انخفاض في الإنتاجية، تتكون التكتلات من موظفين متشابهين غير متعاونين مع من خارج التكتل، فلا يشاركون المعلومات ويتصارعون مع الآخرين على السلطة، لذلك تحتاج المنشأة من أجل تفكيك التكتل إلى ضم فرق عمل متنوعة إلى المشروع الواحد، بحيث تقضي على الانغلاق وتفتح أفقًا للتعاون والإلهام بين الموظفين المختلفين.
7 استراتيجيات لتعزيز التنوع في التوظيف
تحتاج قيم التنوع والشمول في الشركات السعودية إلى أن تتحول إلى إجراءات ملموسة عبر خطة عمل واضحة لها رؤية، وأهداف محددة تتعلق بتحقيق التوازن بين العمل والحياة، وتتبع للنتائج، فيما يلي مجموعة من الاستراتيجيات المقصودة التي يمكن تبنيها في سياق خطة بناء بيئة عمل متنوعة وشاملة:
- أضفِ على التنوع والشمول طابعًا رسميًا
لكي تتجذر ثقافة العمل الشاملة في المنشأة، ينبغي أولًا أن تكون جزءًا من القيم الأساسية لها، بحيث تتحول من فكرة ثانوية تطرأ عند الحاجة إلى قيمة أساسية على جميع المستويات تنعكس في تصميم المكاتب (مثل تهيئتها لذوي الإعاقة) ومقابلات التوظيف والإجازات (مثل منح الموظفين غير المسلمين إجازات في أعيادهم الدينية).
لذلك أضف التنوع والشمول إلى قائمة قيم المنشأة التي يتضمنها الملف التعريفي بحيث تحمل طابعًا رسميًا، واطلب من قسم الموارد البشرية دمجها في عملية إدارة الأداء والتقييم الدوري للموظفين، وتضمينها في دليل قواعد السلوك الوظيفي وتدريبات الموظفين. يجب أيضًا وضع إجراءات رسمية واضحة لدعم التنوع والشمول، بحيث تضمن هذه الإجراءات تعزيز بيئة عمل مثالية تدعم الابتكار وتراعي احتياجات جميع الموظفين.
- اجمع آراء الموظفين
آراء الموظفين والمواقف التي مروا بها هي المصدر الأول للمعلومات الصادقة التي ينبغي أن تبنى عليها سياسة التنوع والشمول في الشركات السعودية، لذلك صمم استبيان رأي للاستماع لآراء الموظفين وقياس نبض التنوع والشمول الحالي في المنشأة، اطرح فيه الأسئلة ذات الصلة بالشمول، وكيف يمكن مكافحة التمييز وبناء بيئة عمل تحتضن التنوع الثقافي بأريحية.
اجعل الموظفين يحكون عن المواقف التي شعروا فيها بالقلق أو الضيق والمواقف التي اضطروا إلى إخفاء هويتهم أو تغييرها للاستمرار أو التقدم في العمل، وركز على فئات الموظفين الأكثر عرضة لخطر التمييز، يمكن أن تساعدك بيزات منصة إدارة الموارد البشرية ومسير الرواتب في السعودية على إنشاء استبيان الموظفين والحصول على تقرير بآراءهم يتميز بالسرعة والدقة.
من المتوقع أن لا يملك بعض الموظفين الشجاعة للتحدث لذلك يمكن الاستناد إلى نموذج بسيط من جوجل مع تفعيل خاصية “مجهول الهوية” بحيث يتحدث الموظف بأريحية أكبر، يساعد البوح عن مواقف التمييز السيئة في معرفة السياسات والمعايير التي تفرض ثقافة واحدة وتستبعد الثقافات الأخرى، وبالتالي تحديد الخطوات التي ينبغي القيام بها لبناء بيئة عمل شاملة، ومن المهم كخطوة تالية أن تتخذ المنشأة إجراءات بشأن تلك الآراء التي جُمعت، لكي يشعر الموظفون أنهم مسموعون وأن آرائهم مهمة، فيتحفزون للمشاركة في الاستبيانات مستقبلًا، وإبلاغ المديرين بصراحة عن المواقف التي تؤذيهم نفسيًا.
تقدم مقابلات الخروج معلومات قيمة أيضًا حول الموضوع نفسه، إذ يمكن الرجوع إلى المقابلات السابقة والبحث عن إشارات لتمييز أو تضييق في ثنايا آراء الموظف الذي غادر المنشأة، كما ينبغي تضمين نموذج أسئلة مقابلات الخروج مستقبلًا أسئلة عن التنوع والشمول، بحيث تتعمق في فهم الأسباب التي دفعت الموظف إلى اتخاذ قرار مغادرة المنشأة.
- ضع معايير موضوعية تعالج التحيز اللاواعي
المعايير الموضوعية هي الطريقة الفعالة للتخلص من أو تخفيف التحامل والتحيز اللاواعي الذي قد يقع تحت تأثيره البعض، ومن أمثلته توقع انخفاض مستوى التزام الأمهات الجدد بعد انتهاء إجازة الأمومة، لذلك حدد أهدافًا واضحة تستند إلى معايير موضوعية يرتكز عليها قسم الموارد البشرية في مسائل عديدة مثل تحديد الأجور، وفرص التدريب وأسئلة المقابلة الشخصية، كما ينبغي أن يركز عليها المديرون عند تقييم الأداء، بحيث تحمل هذه المعايير الواضحة عبء المسئولية واتخاذ القرار عن المديرين والمشرفين، وبالتالي تجعل الموظفين أكثر اطمئنانًا بأن التحيز لن يقف عائقًا بينهم وبين نيل الفرص التي يستحقونها.
ينبغي في سياق معالجة التحيز اللاواعي أن يتم التركيز على المديرين نظرًا لعظم التأثير الذي يتركونه في تجربة الموظف في المنشأة، فهم مسئولون عن الترقية والموافقة على الإجازات والحصول على المكافآت، ما يتطلب تدريبهم على فهم اختلاف فئات الموظفين الأكثر عرضة للتمييز، بحيث يستطيعون رؤية الأمور من منظور الطرف الآخر، وبالتالي منحه المعاملة التي يتمناها، كما يجب محاسبتهم على مدى تطبيقهم لسياسة التنوع والشمول في الترقيات وغيرها من الصلاحيات. ويمكن تحقيق التنوع والشمول خلال تطبيق هذه المعايير والإجراءات بشكل منظم ومستمر.
- تحسين التواصل بين الموظفين
تحسين التواصل بين الموظفين هو أحد ركائز بناء بيئة عمل شاملة، فعندما يتفاعل الموظفون مع بعضهم البعض في لقاءات للتحدث عن أمور خارج العمل، يتعرفون على بعضهم البعض، وتتعزز الروابط الإنسانية وتتلاشى الصور النمطية والانطباعات المسبقة، لذا ينبغي أن ترعى المنشأة مثل هذه اللقاءات بشكل منتظم، وتشجع الموظفين على المشاركة في الثناء العام لأحد أعضاء الفريق على أدائه الجيد، وينبغي أيضًا ترجمة الكتيبات والمعلومات المهمة في المنشأة إلى اللغة الانجليزية لكي يفهمها الموظفون أصحاب الجنسيات غير العربية.
- تقدير ومكافأة الموظفين
تقدير المنشأة للموظفين هو أبرز مظاهر اهتمامها بهم وبواعث نيل رضاهم، لذلك ينبغي تصميم برنامج لتقدير ومكافأة الموظفين بحيث يثمن إنجازاتهم الصغيرة والكبيرة على حد سواء ويشارك فيه كبار المسئولين في المنشأة، من شأن تضمين كل فئات الموظفين في برنامج التقدير والمكافآت أن يعزز قيم التنوع والشمول في الشركات السعودية.
- دمج العاملين عن بعد
باعتبار العمل بعد أحد أنظمة العمل الجديدة نسبيًا في بيئة العمل بالمملكة، تحتاج سياسة التنوع والشمول في الشركات السعودية إلى وضعه في الحسبان، حتى لا يتعرض الموظفون الذين يعملون عن بعد إلى الإقصاء بسبب التباعد المكاني، يعني ذلك أن عمل قسم الموارد البشرية العمل على دمج جميع الموظفين بغض النظر عن موقعهم الجغرافي، بحيث يراعي هذا الدمج طريقة عقد الاجتماعات، وأدوات العمل التعاوني وتقنيات الاتصال لتستوعب الموظفين البعيدين أيضًا. كما يجب توفير ساعات عمل مرنة للموظفين عن بعد، مما يسهم في تحقيق التوازن بين العمل والحياة ويعزز رضاهم وإنتاجيتهم. إن تحقيق التوازن بين العمل والحياة للموظفين يعد من الأهداف الأساسية لبيئة العمل المثالية، حيث تساهم السياسات المرنة والداعمة في تقليل الضغوط وتحسين جودة حياة الموظفين.
- تتبع مدى نجاح مبادرات التنوع والشمول
فكر في مؤشرات الأداء التي تقيس مدى إحراز تقدم في تحقيق التنوع والشمول، صنّف القوى العاملة حسب الجنسية أو النوع أو العمر ..إلخ، ثم سجل النتائج قبل وبعد تنفيذ خطة العمل ملاحظًا التغيير أو عدم التغيير في المقاييس الآتية:
- النسبة المئوية للموظفين المنتمين إلى مجموعة أقليات.
- متوسط عمل الموظفين على أساس العرق أو العمر.
- نسبة التمثيل في المناصب القيادية.
- معدل مشاركة الموظفين ورضاهم.
- لوحة التقدير.
- متوسط مدة خدمة الأقليات.
- استبيان الموظفين حول التنوع والشمول.
تدلك هذه المؤشرات على المجالات التي تحتاج إلى تحسين وأولويات تنفيذ الاستراتيجيات وتقديم التدريب وتركيز الجهود، توفر منصة الموارد البشرية بيزات أداة مخصصة لاستخلاص رؤى وتقارير عن الموظفين في المنشأة بحيث تساعدك في تقيم نجاح التنوع في المنشأة، كما في الصورة التالية:
دراسات حالة لشركات سعودية رائدة في مجال التنوع والشمول
نلق نظرة فيما يلي على اثنتين من دراسات الحالة لشركات سعودية رائدة أولت اهتمامًا خاصًا بالتنوع والشمول في بيئة العمل الخاصة بها:
أرامكو
تؤكد أرامكو على أن التنوع والشمول هو أول سياساتها للتوظيف، وتخصص فريقًا للتنوع والشمولية يتولى مسؤولية صنع ثقافة عمل شاملة في مجالات التوظيف، والاحتفاظ بالكفاءات، والتطوير، والقيادة والقدوة الحسنة، كما تركز أرامكو على أبعاد التنوع: العمر، والثقافة، والنوع والقدرة، وتنظم دورات تفاعلية وإلكترونية وورش عمل للموظفين عن المفاهيم الرئيسية للتنوع والشمولية، تخصص إحداها لأصحاب المناصب القيادية ورؤساء الأقسام بحيث تسلحهم بالمعرفة والمهارات اللازمة لصنع بيئة عمل شاملة للأشخاص ذوي الإعاقة.
stc
يشكل التنوع والشمول جزءًا من استراتيجية مجموعة stc لتحقيق رؤية المملكة 2030، وتؤكد عليه المجموعة باعتباره أحد قيمها الأساسية، كما تراه طريقة لفهم العملاء على أفضل وجه بحسب رسالة الرئيس التنفيذي.
تفتخر stc بالمجموعات المتنوعة من مختلف الأجيال، والجنسيات والثقافات التي يجمعها سقف واحد وتحظى جميعها بالاحترام والشمولية وتكافؤ الفرص، كما تولي تركيزًا خاصًا على دمج الأشخاص ذوي الإعاقة، وهو ما أسفر عن حصول الشركة على جائزة أفضل بيئة عمل موائمة للأشخاص ذوي الإعاقة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لعام 2022.
الأسئلة الشائعة
ما هو التنوع والشمول في الشركات السعودية؟
التنوع والشمول في الشركات السعودية هو مبادرات تركز على دعم الموظفين على تنوعهم من حيث الجنسية أو العمر أو النوع أو القدرة الجسدية أو الحالة الاقتصادية والاجتماعية، بحيث يحظى الكل بالترحيب، والتقدير، وتكافؤ الفرص والمساعدة التي تمكنهم من تقديم أفضل ما عندهم دون الشعور بالتمييز.
ما أمثلة سياسات التنوع والشمول في بيئة العمل؟
التكافؤ في الترشح للترقي والحصول على فرص التطوير المهني، والشفافية على كل مستويات المنشأة، وتصميم أسئلة غير متحيزة في مقابلات التوظيف، جميعها أمثلة لبعض السياسات التي يمكن تبنيها لتعزيز التنوع والشمول في بيئة العمل.
ما أهمية التنوع والشمول في المنشأة؟
يرفع التنوع والشمول من مستوى كفاءة العمل، إذ يجذب كفاءات وظيفية أكثر موائمة مع متطلبات التوظيف، كما أنه يزيد من شعور الموظفين بالرضا ويحفزهم على تقديم أفضل أداء، بالإضافة إلى تأثيره على تحسين عملية صنع القرار وتعزيز الابتكار بسبب ثراء الأفكار وتعدد وجهات النظر، ما ينعكس في الأخير على جني المنشأة أرباحًا أعلى والتمتع بسمعة حسنة في سوق العمل.
كيف يمكن قياس نجاح مبادرات التنوع والشمول في الشركات السعودية؟
يحتاج قياس نجاح مبادرات التنوع والشمول إلى النظر في عدة مقاييس، مثل:
- نسبة التمثيل في المناصب القيادية.
- متوسط مدة خدمة الأقليات.
- متوسط عمل الموظفين على أساس العرق أو العمر.
- النسبة المئوية للموظفين المنتمين إلى مجموعة أقليات.
- معدل مشاركة الموظفين ورضاهم.
ختامًا، لم يعد التنوع والشمول في الشركات السعودية موضوعًا هامشيًا مؤجلًا لا يحظى بالاهتمام إلا إذا توفر للقادة فسحة من الوقت والجهد بعيدًا عن الضغوط وهو أمر يكاد يستحيل حدوثه، بل أصبح موضوعًا ملحًا في أي سياق وأي صناعة، استخدم بيزات منصة الموارد البشرية المتكاملة للحصول على الرؤي والتقارير التي تحتاجها لفهم التنوع والشمول في منشأتك.
جدول المحتويات
يضج مجتمع الأعمال في الغرب منذ بضع سنوات بالحديث عن التنوع والشمول في بيئة العمل، لما لمس من ذلك من فوائد تجارية بحتة للمنشآت، وعلى الرغم من أن المجتمع السعودي ذي المرجعية الإسلامية التي تمثل قيم العدالة والتكريم فيها قيمًا مركزية؛ يختلف في ثقافته جذريًا عن المجتمع الغربي ذي المرجعية المادية، إلا أن زخم الأبحاث والتجارب الغربية التي أجريت مؤخرًا وتوصلت إلى معارف مفيدة من شأنها أن تثري بيئة الأعمال في المملكة. وتتنوع أعمال المؤسسات السعودية بين المهام الروتينية والإدارية والأعمال الإبداعية والفنية، مما يميزها عن الأعمال في الغرب من حيث طبيعة المهام والبيئة التنظيمية. كل ذلك جعل من المهم أن نلقي نظرة فاحصة على هذا الموضوع، لنعرف كيف يمكن أن نوظف استراتيجيات التنوع والشمول في الشركات السعودية لصالح اقتصاد أكثر كفاءة وحيوية، مع الأخذ في الاعتبار العوامل المؤثرة في بيئة العمل السعودية مثل العوامل المادية والاجتماعية والثقافية.
ما هي بيئة العمل المتنوعة والشاملة؟
بيئة العمل المتنوعة والشاملة هي البيئة التي تعترف بالاختلافات بين الموظفين وتقدرها، فيشعر فيها الجميع من مختلف الخلفيات بالترحيب والاحترام ويضمنون الحصول على فرص عادلة في الترقية، والمساهمة وإحداث التأثير في المنشأة، كما أنهم ينالون الدعم والمساعدة اللازمين للقيام بوظائفهم على أفضل نحو. وتلعب العلاقات القوية بين الموظفين والإدارة دورًا مهمًا في تعزيز بيئة العمل الشاملة، حيث يسهم الاحترام المتبادل والتفاهم في بناء بيئة إيجابية.
يأخذ التنوع في بيئة العمل أشكالًا مختلفة، مثل الاختلاف في العرق، والجنسية، والنوع، والعمر، والطبقة الاجتماعية والاقتصادية، ويمتد إلى الاختلافات في القدرات البدنية (سليم- ذوي الاحتياجات الخاصة) والحالة الاجتماعية (أعزب- متزوج- أب- ..إلخ) ونظام العمل (من المكتب- عن بعد)، كما أنه يمثل أحد عوامل إثراء المنشأة، إذ يستطيع الموظفون المتنوعون ذوي الأصوات ووجهات النظر المختلفة الوصول إلى أفكار، وحلول وعمليات أفضل وبالتالي منتج أفضل. كما أن المهام المتنوعة التي يقوم بها الموظفون تساهم في تحقيق الأهداف التنظيمية وتعزز من فعالية العمل الجماعي.
أما الشمول فيهدف إلى تعزيز شعور جميع الموظفين بالانتماء إلى مكان العمل، فلا أحد يخجل من هويته ولا يحتاج الموظف إلى إخفاء أي سمة شخصية بمجرد أن تطأ قدماه المنشأة، ويشعر الجميع بالراحة والتقدير على كل المستويات الوظيفية، كما أن الموظف الذي يمثل فئة ديموغرافية معينة (ذوي الاحتياجات الخاصة مثلًا) لا يشعر بأنه مجرد تمثيل لفئة معينة في المنشأة، بل الفرصة متاحة أمامه للتأثير في المنشأة كغيره من الأصحاء، ويمثل الشمول مسارًا لتحقيق التنوع، فبدونه سيغادر الموظفون المنشأة إلى مكان أكثر ترحيبًا وعدالة. وتلعب الإجراءات التنظيمية الداعمة دورًا أساسيًا في ضمان العدالة والشمول لجميع الموظفين.
ومن العناصر الأساسية التي تميز بيئة العمل المتنوعة والشاملة: العلاقات الإيجابية، تنوع المهام، الإجراءات التنظيمية الداعمة، وثقافة الاحترام والتقدير.
أهمية التنوع والشمول في بيئة العمل السعودية؟
تؤكد ثلاثة تقارير صادرة عن معهد ماكينزي للأبحاث العلاقة الارتباطية بين أداء المنشآت والتنوع، وتشير إلى تأثيره في احتمالات التفوق المالي خاصة على مستوى الإدارة التنفيذية، حيث تؤثر عوامل التنوع بشكل مباشر في الأداء المالي للمؤسسات. أما على صعيد الأرباح فقد سجلت التقارير تفوق الشركات ذات التنوع العرقي والثقافي في در أرباح أعلى بنسبة 36% من غيرها، كما أن التنوع والشمول يسهمان في تحقيق نتائج إيجابية للشركات من خلال تعزيز الرضا الوظيفي وزيادة الإنتاجية في بيئة العمل.
نمر سريعًا فيما يلي على المجالات الرئيسية الستة التي من المتوقع أن تتأثر بثقافة التنوع والشمول في الشركات السعودية، مع التركيز على الأهداف التنظيمية التي تسعى الشركات لتحقيقها من خلال تطبيق هذه الثقافة:
جذب كفاءات أفضل
عندما توسع المنشأة من نطاق البحث عن المرشحين للوظائف الجديدة ليشمل فئات متنوعة من حيث الجنسية والعمر .. إلخ، فإنها بذلك تزيد من فرصها في العثور على الموظف الأكثر امتلاكًا لمقومات الوظيفة وإتقانًا لمهاراتها، بالإضافة إلى ما سبق يحرص الموظفون المتميزون على الانضمام إلى منشآت ذات سمعة حسنة فيما يخص العدالة والإنصاف بين موظفيها، ويمثل ذلك عاملًا من عوامل تقييم عرض العمل والمنشأة، إذ يعي هؤلاء الموظفين جيدًا التأثير المحفز والإيجابي التي تتركه بيئة العمل الشاملة على أدائهم ونموهم الوظيفي. كما أن بيئة العمل الشاملة تساعد الموظفين على تطوير عملهم وتحقيق إمكاناتهم.
تحسين عملية صنع القرار
تمر المنشآت بأوقات حرجة تكون فيها أحوج ما تكون إلى مهارة حل المشكلات والرؤية النافذة متعددة الأبعاد للأمور، ويلعب التنوع دورًا مهمًا في هذه الأوقات إذ يمد المنشأة بوجهات نظر متعددة تجعل عملية صنع القرار أكثر كفاءة وتؤدي إلى قرارات أعلى جودة. كما أن أهمية العقلية المنفتحة والمتنوعة تظهر في تحسين عملية اتخاذ القرار، حيث تساهم في تعزيز التفكير النقدي والقدرة على تحليل المشكلات من زوايا مختلفة.
ابتكار أكثر
لا تؤدي وجهات النظر المختلفة إلى قرارات أفضل فقط، بل تطور حلولًا إبداعية وتضع مناهج غير تقليدية تساعد المنشأة على التكيف سريعًا مع ظروف السوق وأي اضطراب يظهر في الأفق. يمكن للمنشأة الاستفادة من التنوع من خلال معرفة كيفية تطوير حلول مبتكرة تجمع بين خبرات وخلفيات متعددة. فأعضاء فريق العمل المتنوعين من حيث الجنسية، والتعليم والعمر هم أكثر قدرة على فهم العملاء، وبالتالي أكثر قدرة على تصميم منتجات وخدمات تناسب احتياجات العميل المثالي على نحو أفضل.
زيادة رضا الموظفين
الموظف الذي يشعر بالعدالة والتقدير في مكان عمله هو أكثر استعدادًا لبذل كل ما في وسعه من أجل المنشأة، فانتمائه قوي، ومعنوياته عالية، وصحته النفسية والجسدية في حالة متزنة وبالتالي إجازاته أقل. كما أن أهمية التعامل الفعّال مع التحديات والضغوطات في بيئة العمل الشاملة تلعب دورًا كبيرًا في تعزيز رفاهية الموظفين واستقرارهم. بالإضافة إلى ما سبق تتسم بيئة العمل الشاملة باهتمام القادة بتقدير ومكافأة الموظفين أيًا كانت هويتهم، وبالتالي يتمتع هؤلاء القادة بثقة موظفيهم، وهو ما يجعل التنوع والشمول في الشركات السعودية ينعكس مباشرة في رغبة الموظفين بالبقاء وبالتالي يتحسن معدل الاحتفاظ بالموظفين وينخفض معدل الدوران.
أرباح أعلى
عندما يشعر الموظفون بالترحيب ويعملون بنشاط أكبر ولا يتوانون عن تقديم أفضل ما لديهم، يصب ذلك في مصلحة المنشأة مباشرة، لذلك ليس بمستغرب أن تحقق بيئة العمل الشاملة نتائج أفضل وتدر على المنشأة أرباح أكثر. وهي بيئة تتيح للموظفين من خلفيات متنوعة التعاون وتبادل الأفكار بحرية، مما يؤدي إلى حلول مبتكرة وزيادة الإنتاجية وبالتالي تحقيق أرباح أعلى.
سمعة حسنة في السوق
إذا تدهورت سمعة المنشأة في السوق بسبب افتقار الموظفين للاحترام والأمان، تكون أكثر عرضة لانصراف العملاء عنها وخسارة الدعم الحكومي. في الحالة المثالية، يكون للمنشأة سمعة قوية وإيجابية في السوق، مما يعزز ثقة العملاء ويجذب أفضل الكفاءات. على العكس من ذلك تربح المنشآت ذات السمعة الحسنة فيما يخص التنوع والشمول توصيات من الموظفين كمكان عمل رائع يستقطب الكفاءات.
ثقافة الشركة ودورها في تعزيز التنوع والشمول
تلعب ثقافة الشركة دورًا محوريًا في تعزيز التنوع والشمول داخل بيئة العمل، فهي الأساس الذي يُبنى عليه نجاح أي مؤسسة تسعى لتحقيق التميز والتفوق في السوق. عندما تكون ثقافة الشركة داعمة ومفتوحة لجميع الموظفين، بغض النظر عن خلفياتهم أو أصولهم، يشعر الجميع بالانتماء والثقة، ما ينعكس بشكل مباشر على أداء الموظفين وإنتاجيتهم.
إن تعزيز التنوع والشمول في بيئة العمل لا يقتصر فقط على السياسات والإجراءات، بل يبدأ من القيم والمبادئ التي تتبناها الإدارة العليا وتعمل على ترسيخها بين جميع أفراد الشركة. يجب على الإدارة أن تضع نصب أعينها أهمية خلق بيئة عمل إيجابية تشجع على التواصل الفعّال بين الموظفين، وتوفر لهم الدعم والتقدير اللازمين لتحقيق أفضل أداء ممكن.
الشركات التي تتبنى ثقافة متنوعة وشمولية تجد نفسها قادرة على جذب أفضل المواهب من مختلف الخلفيات، كما تحقق مستويات عالية من الرضا الوظيفي بين الموظفين. هذا التنوع في بيئة العمل يعزز الإبداع والابتكار، ويساعد في تقديم حلول جديدة تلبي احتياجات العملاء وتواكب تطورات السوق.
لتحقيق ذلك، ينبغي على الشركات توفير برامج تدريبية وتطويرية تركز على تعزيز مهارات الموظفين وتحفيزهم على تحقيق أهدافهم الوظيفية. كما أن توفير مساحات عمل مشتركة وتشجيع الموظفين على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والتطوعية يساهم في تعزيز روح التعاون والتواصل بينهم، ويخلق بيئة عمل إيجابية يشعر فيها الجميع بالدعم والانتماء.
من المهم أن تدرك الإدارة أن بيئة العمل المتنوعة والشمولية ليست مجرد ميزة تنافسية، بل هي ضرورة لتحقيق النجاح المستدام. فكلما شعر الموظفون بأنهم جزء من ثقافة الشركة، زادت رغبتهم في تقديم أفضل ما لديهم، وارتفع مستوى الإنتاجية والأداء العام للمؤسسة.
في النهاية، يجب على الشركات أن تضع تحسين بيئة العمل على رأس أولوياتها، وأن تعمل باستمرار على تعزيز ثقافة التعاون والدعم والتواصل بين الموظفين. فبيئة العمل الإيجابية هي المفتاح لتحقيق أعلى مستويات الرضا الوظيفي، وتحفيز الموظفين على الابتكار والإبداع، والوصول إلى أهداف الشركة بكفاءة وفعالية.
تحديات تطبيق التنوع والشمول في الشركات السعودية
هل تحقيق التنوع والشمول في الشركات السعودية أسهل قولًا من الفعل؟ تجيب عن هذا السؤال التحديات التي قد تواجهها المنشآت في سبيل مكافحة التمييز وتبني سياسة التنوع الثقافي. كما أن المؤسسة قد تواجه صعوبات في تطبيق سياسات التنوع والشمول بسبب ثقافة المؤسسة أو بنيتها التنظيمية.
انشغال القادة
أي تغيير جوهري في المنشأة يبدأ من القادة، لذلك إذا كانت القيادة تتخذ من “الانشغال الشديد” مبررًا لعدم تركيزها على تبني التنوع والشمول في الشركات السعودية، فإن أي جهود تبذل في هذا الصدد ستكون عشوائية مفتقرة للتنظيم والموارد الكافية وبالتالي تكون أقل فعالية.
الحاجة إلى التدريب
يحتاج المديرون في كل الأقسام إلى الحصول على تدريب مناسب على التنوع والشمول في الشركات السعودية وما أهميته وما هو المتوقع منهم؟ فالمديرون هم طليعة التغيير للأفضل بناء على القيادة بالقدوة، وينبغي أن تعكس سلوكياتهم مكافحة التمييز وتمكين المرأة في العمل، سواء في مقابلات التوظيف التي يديرونها، أو الطريقة التي يتعاملون بها مع المرؤوسين أو تقدير جهود الموظفين اليومية.
التكتلات
تكتلات الموظفين هي أقرب لبيئة العمل المتحيزة منها لبيئة العمل الشمولية، لذلك تمثل عائقًا حقيقيًا في طريق إرساء ثقافة التنوع والشمول وتقود إلى انخفاض في الإنتاجية، تتكون التكتلات من موظفين متشابهين غير متعاونين مع من خارج التكتل، فلا يشاركون المعلومات ويتصارعون مع الآخرين على السلطة، لذلك تحتاج المنشأة من أجل تفكيك التكتل إلى ضم فرق عمل متنوعة إلى المشروع الواحد، بحيث تقضي على الانغلاق وتفتح أفقًا للتعاون والإلهام بين الموظفين المختلفين.
7 استراتيجيات لتعزيز التنوع في التوظيف
تحتاج قيم التنوع والشمول في الشركات السعودية إلى أن تتحول إلى إجراءات ملموسة عبر خطة عمل واضحة لها رؤية، وأهداف محددة تتعلق بتحقيق التوازن بين العمل والحياة، وتتبع للنتائج، فيما يلي مجموعة من الاستراتيجيات المقصودة التي يمكن تبنيها في سياق خطة بناء بيئة عمل متنوعة وشاملة:
- أضفِ على التنوع والشمول طابعًا رسميًا
لكي تتجذر ثقافة العمل الشاملة في المنشأة، ينبغي أولًا أن تكون جزءًا من القيم الأساسية لها، بحيث تتحول من فكرة ثانوية تطرأ عند الحاجة إلى قيمة أساسية على جميع المستويات تنعكس في تصميم المكاتب (مثل تهيئتها لذوي الإعاقة) ومقابلات التوظيف والإجازات (مثل منح الموظفين غير المسلمين إجازات في أعيادهم الدينية).
لذلك أضف التنوع والشمول إلى قائمة قيم المنشأة التي يتضمنها الملف التعريفي بحيث تحمل طابعًا رسميًا، واطلب من قسم الموارد البشرية دمجها في عملية إدارة الأداء والتقييم الدوري للموظفين، وتضمينها في دليل قواعد السلوك الوظيفي وتدريبات الموظفين. يجب أيضًا وضع إجراءات رسمية واضحة لدعم التنوع والشمول، بحيث تضمن هذه الإجراءات تعزيز بيئة عمل مثالية تدعم الابتكار وتراعي احتياجات جميع الموظفين.
- اجمع آراء الموظفين
آراء الموظفين والمواقف التي مروا بها هي المصدر الأول للمعلومات الصادقة التي ينبغي أن تبنى عليها سياسة التنوع والشمول في الشركات السعودية، لذلك صمم استبيان رأي للاستماع لآراء الموظفين وقياس نبض التنوع والشمول الحالي في المنشأة، اطرح فيه الأسئلة ذات الصلة بالشمول، وكيف يمكن مكافحة التمييز وبناء بيئة عمل تحتضن التنوع الثقافي بأريحية.
اجعل الموظفين يحكون عن المواقف التي شعروا فيها بالقلق أو الضيق والمواقف التي اضطروا إلى إخفاء هويتهم أو تغييرها للاستمرار أو التقدم في العمل، وركز على فئات الموظفين الأكثر عرضة لخطر التمييز، يمكن أن تساعدك بيزات منصة إدارة الموارد البشرية ومسير الرواتب في السعودية على إنشاء استبيان الموظفين والحصول على تقرير بآراءهم يتميز بالسرعة والدقة.
من المتوقع أن لا يملك بعض الموظفين الشجاعة للتحدث لذلك يمكن الاستناد إلى نموذج بسيط من جوجل مع تفعيل خاصية “مجهول الهوية” بحيث يتحدث الموظف بأريحية أكبر، يساعد البوح عن مواقف التمييز السيئة في معرفة السياسات والمعايير التي تفرض ثقافة واحدة وتستبعد الثقافات الأخرى، وبالتالي تحديد الخطوات التي ينبغي القيام بها لبناء بيئة عمل شاملة، ومن المهم كخطوة تالية أن تتخذ المنشأة إجراءات بشأن تلك الآراء التي جُمعت، لكي يشعر الموظفون أنهم مسموعون وأن آرائهم مهمة، فيتحفزون للمشاركة في الاستبيانات مستقبلًا، وإبلاغ المديرين بصراحة عن المواقف التي تؤذيهم نفسيًا.
تقدم مقابلات الخروج معلومات قيمة أيضًا حول الموضوع نفسه، إذ يمكن الرجوع إلى المقابلات السابقة والبحث عن إشارات لتمييز أو تضييق في ثنايا آراء الموظف الذي غادر المنشأة، كما ينبغي تضمين نموذج أسئلة مقابلات الخروج مستقبلًا أسئلة عن التنوع والشمول، بحيث تتعمق في فهم الأسباب التي دفعت الموظف إلى اتخاذ قرار مغادرة المنشأة.
- ضع معايير موضوعية تعالج التحيز اللاواعي
المعايير الموضوعية هي الطريقة الفعالة للتخلص من أو تخفيف التحامل والتحيز اللاواعي الذي قد يقع تحت تأثيره البعض، ومن أمثلته توقع انخفاض مستوى التزام الأمهات الجدد بعد انتهاء إجازة الأمومة، لذلك حدد أهدافًا واضحة تستند إلى معايير موضوعية يرتكز عليها قسم الموارد البشرية في مسائل عديدة مثل تحديد الأجور، وفرص التدريب وأسئلة المقابلة الشخصية، كما ينبغي أن يركز عليها المديرون عند تقييم الأداء، بحيث تحمل هذه المعايير الواضحة عبء المسئولية واتخاذ القرار عن المديرين والمشرفين، وبالتالي تجعل الموظفين أكثر اطمئنانًا بأن التحيز لن يقف عائقًا بينهم وبين نيل الفرص التي يستحقونها.
ينبغي في سياق معالجة التحيز اللاواعي أن يتم التركيز على المديرين نظرًا لعظم التأثير الذي يتركونه في تجربة الموظف في المنشأة، فهم مسئولون عن الترقية والموافقة على الإجازات والحصول على المكافآت، ما يتطلب تدريبهم على فهم اختلاف فئات الموظفين الأكثر عرضة للتمييز، بحيث يستطيعون رؤية الأمور من منظور الطرف الآخر، وبالتالي منحه المعاملة التي يتمناها، كما يجب محاسبتهم على مدى تطبيقهم لسياسة التنوع والشمول في الترقيات وغيرها من الصلاحيات. ويمكن تحقيق التنوع والشمول خلال تطبيق هذه المعايير والإجراءات بشكل منظم ومستمر.
- تحسين التواصل بين الموظفين
تحسين التواصل بين الموظفين هو أحد ركائز بناء بيئة عمل شاملة، فعندما يتفاعل الموظفون مع بعضهم البعض في لقاءات للتحدث عن أمور خارج العمل، يتعرفون على بعضهم البعض، وتتعزز الروابط الإنسانية وتتلاشى الصور النمطية والانطباعات المسبقة، لذا ينبغي أن ترعى المنشأة مثل هذه اللقاءات بشكل منتظم، وتشجع الموظفين على المشاركة في الثناء العام لأحد أعضاء الفريق على أدائه الجيد، وينبغي أيضًا ترجمة الكتيبات والمعلومات المهمة في المنشأة إلى اللغة الانجليزية لكي يفهمها الموظفون أصحاب الجنسيات غير العربية.
- تقدير ومكافأة الموظفين
تقدير المنشأة للموظفين هو أبرز مظاهر اهتمامها بهم وبواعث نيل رضاهم، لذلك ينبغي تصميم برنامج لتقدير ومكافأة الموظفين بحيث يثمن إنجازاتهم الصغيرة والكبيرة على حد سواء ويشارك فيه كبار المسئولين في المنشأة، من شأن تضمين كل فئات الموظفين في برنامج التقدير والمكافآت أن يعزز قيم التنوع والشمول في الشركات السعودية.
- دمج العاملين عن بعد
باعتبار العمل بعد أحد أنظمة العمل الجديدة نسبيًا في بيئة العمل بالمملكة، تحتاج سياسة التنوع والشمول في الشركات السعودية إلى وضعه في الحسبان، حتى لا يتعرض الموظفون الذين يعملون عن بعد إلى الإقصاء بسبب التباعد المكاني، يعني ذلك أن عمل قسم الموارد البشرية العمل على دمج جميع الموظفين بغض النظر عن موقعهم الجغرافي، بحيث يراعي هذا الدمج طريقة عقد الاجتماعات، وأدوات العمل التعاوني وتقنيات الاتصال لتستوعب الموظفين البعيدين أيضًا. كما يجب توفير ساعات عمل مرنة للموظفين عن بعد، مما يسهم في تحقيق التوازن بين العمل والحياة ويعزز رضاهم وإنتاجيتهم. إن تحقيق التوازن بين العمل والحياة للموظفين يعد من الأهداف الأساسية لبيئة العمل المثالية، حيث تساهم السياسات المرنة والداعمة في تقليل الضغوط وتحسين جودة حياة الموظفين.
- تتبع مدى نجاح مبادرات التنوع والشمول
فكر في مؤشرات الأداء التي تقيس مدى إحراز تقدم في تحقيق التنوع والشمول، صنّف القوى العاملة حسب الجنسية أو النوع أو العمر ..إلخ، ثم سجل النتائج قبل وبعد تنفيذ خطة العمل ملاحظًا التغيير أو عدم التغيير في المقاييس الآتية:
- النسبة المئوية للموظفين المنتمين إلى مجموعة أقليات.
- متوسط عمل الموظفين على أساس العرق أو العمر.
- نسبة التمثيل في المناصب القيادية.
- معدل مشاركة الموظفين ورضاهم.
- لوحة التقدير.
- متوسط مدة خدمة الأقليات.
- استبيان الموظفين حول التنوع والشمول.
تدلك هذه المؤشرات على المجالات التي تحتاج إلى تحسين وأولويات تنفيذ الاستراتيجيات وتقديم التدريب وتركيز الجهود، توفر منصة الموارد البشرية بيزات أداة مخصصة لاستخلاص رؤى وتقارير عن الموظفين في المنشأة بحيث تساعدك في تقيم نجاح التنوع في المنشأة، كما في الصورة التالية:
دراسات حالة لشركات سعودية رائدة في مجال التنوع والشمول
نلق نظرة فيما يلي على اثنتين من دراسات الحالة لشركات سعودية رائدة أولت اهتمامًا خاصًا بالتنوع والشمول في بيئة العمل الخاصة بها:
أرامكو
تؤكد أرامكو على أن التنوع والشمول هو أول سياساتها للتوظيف، وتخصص فريقًا للتنوع والشمولية يتولى مسؤولية صنع ثقافة عمل شاملة في مجالات التوظيف، والاحتفاظ بالكفاءات، والتطوير، والقيادة والقدوة الحسنة، كما تركز أرامكو على أبعاد التنوع: العمر، والثقافة، والنوع والقدرة، وتنظم دورات تفاعلية وإلكترونية وورش عمل للموظفين عن المفاهيم الرئيسية للتنوع والشمولية، تخصص إحداها لأصحاب المناصب القيادية ورؤساء الأقسام بحيث تسلحهم بالمعرفة والمهارات اللازمة لصنع بيئة عمل شاملة للأشخاص ذوي الإعاقة.
stc
يشكل التنوع والشمول جزءًا من استراتيجية مجموعة stc لتحقيق رؤية المملكة 2030، وتؤكد عليه المجموعة باعتباره أحد قيمها الأساسية، كما تراه طريقة لفهم العملاء على أفضل وجه بحسب رسالة الرئيس التنفيذي.
تفتخر stc بالمجموعات المتنوعة من مختلف الأجيال، والجنسيات والثقافات التي يجمعها سقف واحد وتحظى جميعها بالاحترام والشمولية وتكافؤ الفرص، كما تولي تركيزًا خاصًا على دمج الأشخاص ذوي الإعاقة، وهو ما أسفر عن حصول الشركة على جائزة أفضل بيئة عمل موائمة للأشخاص ذوي الإعاقة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لعام 2022.
الأسئلة الشائعة
ما هو التنوع والشمول في الشركات السعودية؟
التنوع والشمول في الشركات السعودية هو مبادرات تركز على دعم الموظفين على تنوعهم من حيث الجنسية أو العمر أو النوع أو القدرة الجسدية أو الحالة الاقتصادية والاجتماعية، بحيث يحظى الكل بالترحيب، والتقدير، وتكافؤ الفرص والمساعدة التي تمكنهم من تقديم أفضل ما عندهم دون الشعور بالتمييز.
ما أمثلة سياسات التنوع والشمول في بيئة العمل؟
التكافؤ في الترشح للترقي والحصول على فرص التطوير المهني، والشفافية على كل مستويات المنشأة، وتصميم أسئلة غير متحيزة في مقابلات التوظيف، جميعها أمثلة لبعض السياسات التي يمكن تبنيها لتعزيز التنوع والشمول في بيئة العمل.
ما أهمية التنوع والشمول في المنشأة؟
يرفع التنوع والشمول من مستوى كفاءة العمل، إذ يجذب كفاءات وظيفية أكثر موائمة مع متطلبات التوظيف، كما أنه يزيد من شعور الموظفين بالرضا ويحفزهم على تقديم أفضل أداء، بالإضافة إلى تأثيره على تحسين عملية صنع القرار وتعزيز الابتكار بسبب ثراء الأفكار وتعدد وجهات النظر، ما ينعكس في الأخير على جني المنشأة أرباحًا أعلى والتمتع بسمعة حسنة في سوق العمل.
كيف يمكن قياس نجاح مبادرات التنوع والشمول في الشركات السعودية؟
يحتاج قياس نجاح مبادرات التنوع والشمول إلى النظر في عدة مقاييس، مثل:
- نسبة التمثيل في المناصب القيادية.
- متوسط مدة خدمة الأقليات.
- متوسط عمل الموظفين على أساس العرق أو العمر.
- النسبة المئوية للموظفين المنتمين إلى مجموعة أقليات.
- معدل مشاركة الموظفين ورضاهم.
ختامًا، لم يعد التنوع والشمول في الشركات السعودية موضوعًا هامشيًا مؤجلًا لا يحظى بالاهتمام إلا إذا توفر للقادة فسحة من الوقت والجهد بعيدًا عن الضغوط وهو أمر يكاد يستحيل حدوثه، بل أصبح موضوعًا ملحًا في أي سياق وأي صناعة، استخدم بيزات منصة الموارد البشرية المتكاملة للحصول على الرؤي والتقارير التي تحتاجها لفهم التنوع والشمول في منشأتك.
يضج مجتمع الأعمال في الغرب منذ بضع سنوات بالحديث عن التنوع والشمول في بيئة العمل، لما لمس من ذلك من فوائد تجارية بحتة للمنشآت، وعلى الرغم من أن المجتمع السعودي ذي المرجعية الإسلامية التي تمثل قيم العدالة والتكريم فيها قيمًا مركزية؛ يختلف في ثقافته جذريًا عن المجتمع الغربي ذي المرجعية المادية، إلا أن زخم الأبحاث والتجارب الغربية التي أجريت مؤخرًا وتوصلت إلى معارف مفيدة من شأنها أن تثري بيئة الأعمال في المملكة. وتتنوع أعمال المؤسسات السعودية بين المهام الروتينية والإدارية والأعمال الإبداعية والفنية، مما يميزها عن الأعمال في الغرب من حيث طبيعة المهام والبيئة التنظيمية. كل ذلك جعل من المهم أن نلقي نظرة فاحصة على هذا الموضوع، لنعرف كيف يمكن أن نوظف استراتيجيات التنوع والشمول في الشركات السعودية لصالح اقتصاد أكثر كفاءة وحيوية، مع الأخذ في الاعتبار العوامل المؤثرة في بيئة العمل السعودية مثل العوامل المادية والاجتماعية والثقافية.
ما هي بيئة العمل المتنوعة والشاملة؟
بيئة العمل المتنوعة والشاملة هي البيئة التي تعترف بالاختلافات بين الموظفين وتقدرها، فيشعر فيها الجميع من مختلف الخلفيات بالترحيب والاحترام ويضمنون الحصول على فرص عادلة في الترقية، والمساهمة وإحداث التأثير في المنشأة، كما أنهم ينالون الدعم والمساعدة اللازمين للقيام بوظائفهم على أفضل نحو. وتلعب العلاقات القوية بين الموظفين والإدارة دورًا مهمًا في تعزيز بيئة العمل الشاملة، حيث يسهم الاحترام المتبادل والتفاهم في بناء بيئة إيجابية.
يأخذ التنوع في بيئة العمل أشكالًا مختلفة، مثل الاختلاف في العرق، والجنسية، والنوع، والعمر، والطبقة الاجتماعية والاقتصادية، ويمتد إلى الاختلافات في القدرات البدنية (سليم- ذوي الاحتياجات الخاصة) والحالة الاجتماعية (أعزب- متزوج- أب- ..إلخ) ونظام العمل (من المكتب- عن بعد)، كما أنه يمثل أحد عوامل إثراء المنشأة، إذ يستطيع الموظفون المتنوعون ذوي الأصوات ووجهات النظر المختلفة الوصول إلى أفكار، وحلول وعمليات أفضل وبالتالي منتج أفضل. كما أن المهام المتنوعة التي يقوم بها الموظفون تساهم في تحقيق الأهداف التنظيمية وتعزز من فعالية العمل الجماعي.
أما الشمول فيهدف إلى تعزيز شعور جميع الموظفين بالانتماء إلى مكان العمل، فلا أحد يخجل من هويته ولا يحتاج الموظف إلى إخفاء أي سمة شخصية بمجرد أن تطأ قدماه المنشأة، ويشعر الجميع بالراحة والتقدير على كل المستويات الوظيفية، كما أن الموظف الذي يمثل فئة ديموغرافية معينة (ذوي الاحتياجات الخاصة مثلًا) لا يشعر بأنه مجرد تمثيل لفئة معينة في المنشأة، بل الفرصة متاحة أمامه للتأثير في المنشأة كغيره من الأصحاء، ويمثل الشمول مسارًا لتحقيق التنوع، فبدونه سيغادر الموظفون المنشأة إلى مكان أكثر ترحيبًا وعدالة. وتلعب الإجراءات التنظيمية الداعمة دورًا أساسيًا في ضمان العدالة والشمول لجميع الموظفين.
ومن العناصر الأساسية التي تميز بيئة العمل المتنوعة والشاملة: العلاقات الإيجابية، تنوع المهام، الإجراءات التنظيمية الداعمة، وثقافة الاحترام والتقدير.
أهمية التنوع والشمول في بيئة العمل السعودية؟
تؤكد ثلاثة تقارير صادرة عن معهد ماكينزي للأبحاث العلاقة الارتباطية بين أداء المنشآت والتنوع، وتشير إلى تأثيره في احتمالات التفوق المالي خاصة على مستوى الإدارة التنفيذية، حيث تؤثر عوامل التنوع بشكل مباشر في الأداء المالي للمؤسسات. أما على صعيد الأرباح فقد سجلت التقارير تفوق الشركات ذات التنوع العرقي والثقافي في در أرباح أعلى بنسبة 36% من غيرها، كما أن التنوع والشمول يسهمان في تحقيق نتائج إيجابية للشركات من خلال تعزيز الرضا الوظيفي وزيادة الإنتاجية في بيئة العمل.
نمر سريعًا فيما يلي على المجالات الرئيسية الستة التي من المتوقع أن تتأثر بثقافة التنوع والشمول في الشركات السعودية، مع التركيز على الأهداف التنظيمية التي تسعى الشركات لتحقيقها من خلال تطبيق هذه الثقافة:
جذب كفاءات أفضل
عندما توسع المنشأة من نطاق البحث عن المرشحين للوظائف الجديدة ليشمل فئات متنوعة من حيث الجنسية والعمر .. إلخ، فإنها بذلك تزيد من فرصها في العثور على الموظف الأكثر امتلاكًا لمقومات الوظيفة وإتقانًا لمهاراتها، بالإضافة إلى ما سبق يحرص الموظفون المتميزون على الانضمام إلى منشآت ذات سمعة حسنة فيما يخص العدالة والإنصاف بين موظفيها، ويمثل ذلك عاملًا من عوامل تقييم عرض العمل والمنشأة، إذ يعي هؤلاء الموظفين جيدًا التأثير المحفز والإيجابي التي تتركه بيئة العمل الشاملة على أدائهم ونموهم الوظيفي. كما أن بيئة العمل الشاملة تساعد الموظفين على تطوير عملهم وتحقيق إمكاناتهم.
تحسين عملية صنع القرار
تمر المنشآت بأوقات حرجة تكون فيها أحوج ما تكون إلى مهارة حل المشكلات والرؤية النافذة متعددة الأبعاد للأمور، ويلعب التنوع دورًا مهمًا في هذه الأوقات إذ يمد المنشأة بوجهات نظر متعددة تجعل عملية صنع القرار أكثر كفاءة وتؤدي إلى قرارات أعلى جودة. كما أن أهمية العقلية المنفتحة والمتنوعة تظهر في تحسين عملية اتخاذ القرار، حيث تساهم في تعزيز التفكير النقدي والقدرة على تحليل المشكلات من زوايا مختلفة.
ابتكار أكثر
لا تؤدي وجهات النظر المختلفة إلى قرارات أفضل فقط، بل تطور حلولًا إبداعية وتضع مناهج غير تقليدية تساعد المنشأة على التكيف سريعًا مع ظروف السوق وأي اضطراب يظهر في الأفق. يمكن للمنشأة الاستفادة من التنوع من خلال معرفة كيفية تطوير حلول مبتكرة تجمع بين خبرات وخلفيات متعددة. فأعضاء فريق العمل المتنوعين من حيث الجنسية، والتعليم والعمر هم أكثر قدرة على فهم العملاء، وبالتالي أكثر قدرة على تصميم منتجات وخدمات تناسب احتياجات العميل المثالي على نحو أفضل.
زيادة رضا الموظفين
الموظف الذي يشعر بالعدالة والتقدير في مكان عمله هو أكثر استعدادًا لبذل كل ما في وسعه من أجل المنشأة، فانتمائه قوي، ومعنوياته عالية، وصحته النفسية والجسدية في حالة متزنة وبالتالي إجازاته أقل. كما أن أهمية التعامل الفعّال مع التحديات والضغوطات في بيئة العمل الشاملة تلعب دورًا كبيرًا في تعزيز رفاهية الموظفين واستقرارهم. بالإضافة إلى ما سبق تتسم بيئة العمل الشاملة باهتمام القادة بتقدير ومكافأة الموظفين أيًا كانت هويتهم، وبالتالي يتمتع هؤلاء القادة بثقة موظفيهم، وهو ما يجعل التنوع والشمول في الشركات السعودية ينعكس مباشرة في رغبة الموظفين بالبقاء وبالتالي يتحسن معدل الاحتفاظ بالموظفين وينخفض معدل الدوران.
أرباح أعلى
عندما يشعر الموظفون بالترحيب ويعملون بنشاط أكبر ولا يتوانون عن تقديم أفضل ما لديهم، يصب ذلك في مصلحة المنشأة مباشرة، لذلك ليس بمستغرب أن تحقق بيئة العمل الشاملة نتائج أفضل وتدر على المنشأة أرباح أكثر. وهي بيئة تتيح للموظفين من خلفيات متنوعة التعاون وتبادل الأفكار بحرية، مما يؤدي إلى حلول مبتكرة وزيادة الإنتاجية وبالتالي تحقيق أرباح أعلى.
سمعة حسنة في السوق
إذا تدهورت سمعة المنشأة في السوق بسبب افتقار الموظفين للاحترام والأمان، تكون أكثر عرضة لانصراف العملاء عنها وخسارة الدعم الحكومي. في الحالة المثالية، يكون للمنشأة سمعة قوية وإيجابية في السوق، مما يعزز ثقة العملاء ويجذب أفضل الكفاءات. على العكس من ذلك تربح المنشآت ذات السمعة الحسنة فيما يخص التنوع والشمول توصيات من الموظفين كمكان عمل رائع يستقطب الكفاءات.
ثقافة الشركة ودورها في تعزيز التنوع والشمول
تلعب ثقافة الشركة دورًا محوريًا في تعزيز التنوع والشمول داخل بيئة العمل، فهي الأساس الذي يُبنى عليه نجاح أي مؤسسة تسعى لتحقيق التميز والتفوق في السوق. عندما تكون ثقافة الشركة داعمة ومفتوحة لجميع الموظفين، بغض النظر عن خلفياتهم أو أصولهم، يشعر الجميع بالانتماء والثقة، ما ينعكس بشكل مباشر على أداء الموظفين وإنتاجيتهم.
إن تعزيز التنوع والشمول في بيئة العمل لا يقتصر فقط على السياسات والإجراءات، بل يبدأ من القيم والمبادئ التي تتبناها الإدارة العليا وتعمل على ترسيخها بين جميع أفراد الشركة. يجب على الإدارة أن تضع نصب أعينها أهمية خلق بيئة عمل إيجابية تشجع على التواصل الفعّال بين الموظفين، وتوفر لهم الدعم والتقدير اللازمين لتحقيق أفضل أداء ممكن.
الشركات التي تتبنى ثقافة متنوعة وشمولية تجد نفسها قادرة على جذب أفضل المواهب من مختلف الخلفيات، كما تحقق مستويات عالية من الرضا الوظيفي بين الموظفين. هذا التنوع في بيئة العمل يعزز الإبداع والابتكار، ويساعد في تقديم حلول جديدة تلبي احتياجات العملاء وتواكب تطورات السوق.
لتحقيق ذلك، ينبغي على الشركات توفير برامج تدريبية وتطويرية تركز على تعزيز مهارات الموظفين وتحفيزهم على تحقيق أهدافهم الوظيفية. كما أن توفير مساحات عمل مشتركة وتشجيع الموظفين على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية والتطوعية يساهم في تعزيز روح التعاون والتواصل بينهم، ويخلق بيئة عمل إيجابية يشعر فيها الجميع بالدعم والانتماء.
من المهم أن تدرك الإدارة أن بيئة العمل المتنوعة والشمولية ليست مجرد ميزة تنافسية، بل هي ضرورة لتحقيق النجاح المستدام. فكلما شعر الموظفون بأنهم جزء من ثقافة الشركة، زادت رغبتهم في تقديم أفضل ما لديهم، وارتفع مستوى الإنتاجية والأداء العام للمؤسسة.
في النهاية، يجب على الشركات أن تضع تحسين بيئة العمل على رأس أولوياتها، وأن تعمل باستمرار على تعزيز ثقافة التعاون والدعم والتواصل بين الموظفين. فبيئة العمل الإيجابية هي المفتاح لتحقيق أعلى مستويات الرضا الوظيفي، وتحفيز الموظفين على الابتكار والإبداع، والوصول إلى أهداف الشركة بكفاءة وفعالية.
تحديات تطبيق التنوع والشمول في الشركات السعودية
هل تحقيق التنوع والشمول في الشركات السعودية أسهل قولًا من الفعل؟ تجيب عن هذا السؤال التحديات التي قد تواجهها المنشآت في سبيل مكافحة التمييز وتبني سياسة التنوع الثقافي. كما أن المؤسسة قد تواجه صعوبات في تطبيق سياسات التنوع والشمول بسبب ثقافة المؤسسة أو بنيتها التنظيمية.
انشغال القادة
أي تغيير جوهري في المنشأة يبدأ من القادة، لذلك إذا كانت القيادة تتخذ من “الانشغال الشديد” مبررًا لعدم تركيزها على تبني التنوع والشمول في الشركات السعودية، فإن أي جهود تبذل في هذا الصدد ستكون عشوائية مفتقرة للتنظيم والموارد الكافية وبالتالي تكون أقل فعالية.
الحاجة إلى التدريب
يحتاج المديرون في كل الأقسام إلى الحصول على تدريب مناسب على التنوع والشمول في الشركات السعودية وما أهميته وما هو المتوقع منهم؟ فالمديرون هم طليعة التغيير للأفضل بناء على القيادة بالقدوة، وينبغي أن تعكس سلوكياتهم مكافحة التمييز وتمكين المرأة في العمل، سواء في مقابلات التوظيف التي يديرونها، أو الطريقة التي يتعاملون بها مع المرؤوسين أو تقدير جهود الموظفين اليومية.
التكتلات
تكتلات الموظفين هي أقرب لبيئة العمل المتحيزة منها لبيئة العمل الشمولية، لذلك تمثل عائقًا حقيقيًا في طريق إرساء ثقافة التنوع والشمول وتقود إلى انخفاض في الإنتاجية، تتكون التكتلات من موظفين متشابهين غير متعاونين مع من خارج التكتل، فلا يشاركون المعلومات ويتصارعون مع الآخرين على السلطة، لذلك تحتاج المنشأة من أجل تفكيك التكتل إلى ضم فرق عمل متنوعة إلى المشروع الواحد، بحيث تقضي على الانغلاق وتفتح أفقًا للتعاون والإلهام بين الموظفين المختلفين.
7 استراتيجيات لتعزيز التنوع في التوظيف
تحتاج قيم التنوع والشمول في الشركات السعودية إلى أن تتحول إلى إجراءات ملموسة عبر خطة عمل واضحة لها رؤية، وأهداف محددة تتعلق بتحقيق التوازن بين العمل والحياة، وتتبع للنتائج، فيما يلي مجموعة من الاستراتيجيات المقصودة التي يمكن تبنيها في سياق خطة بناء بيئة عمل متنوعة وشاملة:
- أضفِ على التنوع والشمول طابعًا رسميًا
لكي تتجذر ثقافة العمل الشاملة في المنشأة، ينبغي أولًا أن تكون جزءًا من القيم الأساسية لها، بحيث تتحول من فكرة ثانوية تطرأ عند الحاجة إلى قيمة أساسية على جميع المستويات تنعكس في تصميم المكاتب (مثل تهيئتها لذوي الإعاقة) ومقابلات التوظيف والإجازات (مثل منح الموظفين غير المسلمين إجازات في أعيادهم الدينية).
لذلك أضف التنوع والشمول إلى قائمة قيم المنشأة التي يتضمنها الملف التعريفي بحيث تحمل طابعًا رسميًا، واطلب من قسم الموارد البشرية دمجها في عملية إدارة الأداء والتقييم الدوري للموظفين، وتضمينها في دليل قواعد السلوك الوظيفي وتدريبات الموظفين. يجب أيضًا وضع إجراءات رسمية واضحة لدعم التنوع والشمول، بحيث تضمن هذه الإجراءات تعزيز بيئة عمل مثالية تدعم الابتكار وتراعي احتياجات جميع الموظفين.
- اجمع آراء الموظفين
آراء الموظفين والمواقف التي مروا بها هي المصدر الأول للمعلومات الصادقة التي ينبغي أن تبنى عليها سياسة التنوع والشمول في الشركات السعودية، لذلك صمم استبيان رأي للاستماع لآراء الموظفين وقياس نبض التنوع والشمول الحالي في المنشأة، اطرح فيه الأسئلة ذات الصلة بالشمول، وكيف يمكن مكافحة التمييز وبناء بيئة عمل تحتضن التنوع الثقافي بأريحية.
اجعل الموظفين يحكون عن المواقف التي شعروا فيها بالقلق أو الضيق والمواقف التي اضطروا إلى إخفاء هويتهم أو تغييرها للاستمرار أو التقدم في العمل، وركز على فئات الموظفين الأكثر عرضة لخطر التمييز، يمكن أن تساعدك بيزات منصة إدارة الموارد البشرية ومسير الرواتب في السعودية على إنشاء استبيان الموظفين والحصول على تقرير بآراءهم يتميز بالسرعة والدقة.
من المتوقع أن لا يملك بعض الموظفين الشجاعة للتحدث لذلك يمكن الاستناد إلى نموذج بسيط من جوجل مع تفعيل خاصية “مجهول الهوية” بحيث يتحدث الموظف بأريحية أكبر، يساعد البوح عن مواقف التمييز السيئة في معرفة السياسات والمعايير التي تفرض ثقافة واحدة وتستبعد الثقافات الأخرى، وبالتالي تحديد الخطوات التي ينبغي القيام بها لبناء بيئة عمل شاملة، ومن المهم كخطوة تالية أن تتخذ المنشأة إجراءات بشأن تلك الآراء التي جُمعت، لكي يشعر الموظفون أنهم مسموعون وأن آرائهم مهمة، فيتحفزون للمشاركة في الاستبيانات مستقبلًا، وإبلاغ المديرين بصراحة عن المواقف التي تؤذيهم نفسيًا.
تقدم مقابلات الخروج معلومات قيمة أيضًا حول الموضوع نفسه، إذ يمكن الرجوع إلى المقابلات السابقة والبحث عن إشارات لتمييز أو تضييق في ثنايا آراء الموظف الذي غادر المنشأة، كما ينبغي تضمين نموذج أسئلة مقابلات الخروج مستقبلًا أسئلة عن التنوع والشمول، بحيث تتعمق في فهم الأسباب التي دفعت الموظف إلى اتخاذ قرار مغادرة المنشأة.
- ضع معايير موضوعية تعالج التحيز اللاواعي
المعايير الموضوعية هي الطريقة الفعالة للتخلص من أو تخفيف التحامل والتحيز اللاواعي الذي قد يقع تحت تأثيره البعض، ومن أمثلته توقع انخفاض مستوى التزام الأمهات الجدد بعد انتهاء إجازة الأمومة، لذلك حدد أهدافًا واضحة تستند إلى معايير موضوعية يرتكز عليها قسم الموارد البشرية في مسائل عديدة مثل تحديد الأجور، وفرص التدريب وأسئلة المقابلة الشخصية، كما ينبغي أن يركز عليها المديرون عند تقييم الأداء، بحيث تحمل هذه المعايير الواضحة عبء المسئولية واتخاذ القرار عن المديرين والمشرفين، وبالتالي تجعل الموظفين أكثر اطمئنانًا بأن التحيز لن يقف عائقًا بينهم وبين نيل الفرص التي يستحقونها.
ينبغي في سياق معالجة التحيز اللاواعي أن يتم التركيز على المديرين نظرًا لعظم التأثير الذي يتركونه في تجربة الموظف في المنشأة، فهم مسئولون عن الترقية والموافقة على الإجازات والحصول على المكافآت، ما يتطلب تدريبهم على فهم اختلاف فئات الموظفين الأكثر عرضة للتمييز، بحيث يستطيعون رؤية الأمور من منظور الطرف الآخر، وبالتالي منحه المعاملة التي يتمناها، كما يجب محاسبتهم على مدى تطبيقهم لسياسة التنوع والشمول في الترقيات وغيرها من الصلاحيات. ويمكن تحقيق التنوع والشمول خلال تطبيق هذه المعايير والإجراءات بشكل منظم ومستمر.
- تحسين التواصل بين الموظفين
تحسين التواصل بين الموظفين هو أحد ركائز بناء بيئة عمل شاملة، فعندما يتفاعل الموظفون مع بعضهم البعض في لقاءات للتحدث عن أمور خارج العمل، يتعرفون على بعضهم البعض، وتتعزز الروابط الإنسانية وتتلاشى الصور النمطية والانطباعات المسبقة، لذا ينبغي أن ترعى المنشأة مثل هذه اللقاءات بشكل منتظم، وتشجع الموظفين على المشاركة في الثناء العام لأحد أعضاء الفريق على أدائه الجيد، وينبغي أيضًا ترجمة الكتيبات والمعلومات المهمة في المنشأة إلى اللغة الانجليزية لكي يفهمها الموظفون أصحاب الجنسيات غير العربية.
- تقدير ومكافأة الموظفين
تقدير المنشأة للموظفين هو أبرز مظاهر اهتمامها بهم وبواعث نيل رضاهم، لذلك ينبغي تصميم برنامج لتقدير ومكافأة الموظفين بحيث يثمن إنجازاتهم الصغيرة والكبيرة على حد سواء ويشارك فيه كبار المسئولين في المنشأة، من شأن تضمين كل فئات الموظفين في برنامج التقدير والمكافآت أن يعزز قيم التنوع والشمول في الشركات السعودية.
- دمج العاملين عن بعد
باعتبار العمل بعد أحد أنظمة العمل الجديدة نسبيًا في بيئة العمل بالمملكة، تحتاج سياسة التنوع والشمول في الشركات السعودية إلى وضعه في الحسبان، حتى لا يتعرض الموظفون الذين يعملون عن بعد إلى الإقصاء بسبب التباعد المكاني، يعني ذلك أن عمل قسم الموارد البشرية العمل على دمج جميع الموظفين بغض النظر عن موقعهم الجغرافي، بحيث يراعي هذا الدمج طريقة عقد الاجتماعات، وأدوات العمل التعاوني وتقنيات الاتصال لتستوعب الموظفين البعيدين أيضًا. كما يجب توفير ساعات عمل مرنة للموظفين عن بعد، مما يسهم في تحقيق التوازن بين العمل والحياة ويعزز رضاهم وإنتاجيتهم. إن تحقيق التوازن بين العمل والحياة للموظفين يعد من الأهداف الأساسية لبيئة العمل المثالية، حيث تساهم السياسات المرنة والداعمة في تقليل الضغوط وتحسين جودة حياة الموظفين.
- تتبع مدى نجاح مبادرات التنوع والشمول
فكر في مؤشرات الأداء التي تقيس مدى إحراز تقدم في تحقيق التنوع والشمول، صنّف القوى العاملة حسب الجنسية أو النوع أو العمر ..إلخ، ثم سجل النتائج قبل وبعد تنفيذ خطة العمل ملاحظًا التغيير أو عدم التغيير في المقاييس الآتية:
- النسبة المئوية للموظفين المنتمين إلى مجموعة أقليات.
- متوسط عمل الموظفين على أساس العرق أو العمر.
- نسبة التمثيل في المناصب القيادية.
- معدل مشاركة الموظفين ورضاهم.
- لوحة التقدير.
- متوسط مدة خدمة الأقليات.
- استبيان الموظفين حول التنوع والشمول.
تدلك هذه المؤشرات على المجالات التي تحتاج إلى تحسين وأولويات تنفيذ الاستراتيجيات وتقديم التدريب وتركيز الجهود، توفر منصة الموارد البشرية بيزات أداة مخصصة لاستخلاص رؤى وتقارير عن الموظفين في المنشأة بحيث تساعدك في تقيم نجاح التنوع في المنشأة، كما في الصورة التالية:
دراسات حالة لشركات سعودية رائدة في مجال التنوع والشمول
نلق نظرة فيما يلي على اثنتين من دراسات الحالة لشركات سعودية رائدة أولت اهتمامًا خاصًا بالتنوع والشمول في بيئة العمل الخاصة بها:
أرامكو
تؤكد أرامكو على أن التنوع والشمول هو أول سياساتها للتوظيف، وتخصص فريقًا للتنوع والشمولية يتولى مسؤولية صنع ثقافة عمل شاملة في مجالات التوظيف، والاحتفاظ بالكفاءات، والتطوير، والقيادة والقدوة الحسنة، كما تركز أرامكو على أبعاد التنوع: العمر، والثقافة، والنوع والقدرة، وتنظم دورات تفاعلية وإلكترونية وورش عمل للموظفين عن المفاهيم الرئيسية للتنوع والشمولية، تخصص إحداها لأصحاب المناصب القيادية ورؤساء الأقسام بحيث تسلحهم بالمعرفة والمهارات اللازمة لصنع بيئة عمل شاملة للأشخاص ذوي الإعاقة.
stc
يشكل التنوع والشمول جزءًا من استراتيجية مجموعة stc لتحقيق رؤية المملكة 2030، وتؤكد عليه المجموعة باعتباره أحد قيمها الأساسية، كما تراه طريقة لفهم العملاء على أفضل وجه بحسب رسالة الرئيس التنفيذي.
تفتخر stc بالمجموعات المتنوعة من مختلف الأجيال، والجنسيات والثقافات التي يجمعها سقف واحد وتحظى جميعها بالاحترام والشمولية وتكافؤ الفرص، كما تولي تركيزًا خاصًا على دمج الأشخاص ذوي الإعاقة، وهو ما أسفر عن حصول الشركة على جائزة أفضل بيئة عمل موائمة للأشخاص ذوي الإعاقة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لعام 2022.
الأسئلة الشائعة
ما هو التنوع والشمول في الشركات السعودية؟
التنوع والشمول في الشركات السعودية هو مبادرات تركز على دعم الموظفين على تنوعهم من حيث الجنسية أو العمر أو النوع أو القدرة الجسدية أو الحالة الاقتصادية والاجتماعية، بحيث يحظى الكل بالترحيب، والتقدير، وتكافؤ الفرص والمساعدة التي تمكنهم من تقديم أفضل ما عندهم دون الشعور بالتمييز.
ما أمثلة سياسات التنوع والشمول في بيئة العمل؟
التكافؤ في الترشح للترقي والحصول على فرص التطوير المهني، والشفافية على كل مستويات المنشأة، وتصميم أسئلة غير متحيزة في مقابلات التوظيف، جميعها أمثلة لبعض السياسات التي يمكن تبنيها لتعزيز التنوع والشمول في بيئة العمل.
ما أهمية التنوع والشمول في المنشأة؟
يرفع التنوع والشمول من مستوى كفاءة العمل، إذ يجذب كفاءات وظيفية أكثر موائمة مع متطلبات التوظيف، كما أنه يزيد من شعور الموظفين بالرضا ويحفزهم على تقديم أفضل أداء، بالإضافة إلى تأثيره على تحسين عملية صنع القرار وتعزيز الابتكار بسبب ثراء الأفكار وتعدد وجهات النظر، ما ينعكس في الأخير على جني المنشأة أرباحًا أعلى والتمتع بسمعة حسنة في سوق العمل.
كيف يمكن قياس نجاح مبادرات التنوع والشمول في الشركات السعودية؟
يحتاج قياس نجاح مبادرات التنوع والشمول إلى النظر في عدة مقاييس، مثل:
- نسبة التمثيل في المناصب القيادية.
- متوسط مدة خدمة الأقليات.
- متوسط عمل الموظفين على أساس العرق أو العمر.
- النسبة المئوية للموظفين المنتمين إلى مجموعة أقليات.
- معدل مشاركة الموظفين ورضاهم.
ختامًا، لم يعد التنوع والشمول في الشركات السعودية موضوعًا هامشيًا مؤجلًا لا يحظى بالاهتمام إلا إذا توفر للقادة فسحة من الوقت والجهد بعيدًا عن الضغوط وهو أمر يكاد يستحيل حدوثه، بل أصبح موضوعًا ملحًا في أي سياق وأي صناعة، استخدم بيزات منصة الموارد البشرية المتكاملة للحصول على الرؤي والتقارير التي تحتاجها لفهم التنوع والشمول في منشأتك.
مقالات ذات صلة






Get Social