عاصر جميع الموظّفون حول العالم تغيّرات غير مسبوقة في عام 2023، بعدما دفع التحوّل التقني والأتمتة الشّركات بخطًا سريعة نحو المُستقبل، وتطوّرت العلاقة بين صاحب العمل والموظّف عن سابق عهدها. وبالرّغم من الدّور القيادي الذي لعبته إدارات الموارد البشرية في إدارة التغيير والأزمات في سنوات الجائحة – وما تلاها من ازدياد التضخّم، والتباطؤ الاقتصادي، إلا أنها دائمًا ما خاطرت بفقدان السيطرة على التحوّلات الجذرية في مبادئ، وطرُق العمل البديهية التي اعتدنا عليها لسنوات. تصدّرت إدارة الموارد البشرية المشهد، وكانت الجائحة فرصة لظهور الجانب الاستراتيجي، والتنظيمي المحوري لهذه الوظيفة. وضربت الكثير من الشّركات أمثلة رائعة في مواكبة هذه الكارثة، والحد من خسائر المبيعات والموظّفين على مدار ثلاث سنوات. 

نتعرّض في هذا المقال لعدد من التوجّهات الصاعدة في نظام إدارة الموارد البشرية، والتي نتوقّع بأن تستمر في التأثير على شكل، وثقافة العمل، والتي نؤمن كذلك بضرورة الاطلاع عليها لمواكبة التغيير الحتمي القادم.

 

توقّعات إدارة الموارد البشريّة للعام 2023

توقّعات إدارة الموارد البشريّة للعام 2023 – تطوّرات ما بعد جائحة كوفيد – 19

يصف دايف ميلنر – المؤسّس والشريك الاستشاري بHR Curator هذه المرحلة بأنها التوقيت الأمثل لأي اختصاصي للموارد البشرية يدخل التغيير، والتحدّي، والابتكار، والنمو الشخصي تحت حيّز اهتمامه. وفيما يلي أهم النقاط التنافسية في اختصاصات عمل إدارة الموارد البشرية للعام 2023:

إعادة تعريف مفهومي العمل عن بُعد، والعمل الهجين

اتّجهت شركات عريقة – مثل فورد، ومايكروسوفت، وأمازون – بعد جائحة كوفيد: لتبنّي أساليب عمل تتماشى مع احتياجات الموظّفين، وتخدم انتاجيتهم بشكلٍ أكبر – كالعمل عن بُعد، والعمل الهجين. وفقًا لتقرير Zippia المنشور عام 2023: فإن ما يقرُب من 74% من شركات الولايات المتحدة إما اعتمدت – أو تخطط لاعتماد – أسلوب العمل الهجين بصفة دائمة، ويرجع ذلك لمزاياه الكبيرة التي اكتشفها الموظّفون وأصحاب العمل وقت الجائحة. ففضلًا عن توفير نفقات العمل، وتحقيق المرونة، والرّضا الوظيفي، والثقة المُتبادلة، والمُشاركة بالعمل: أثبتت أساليب العمل عن بُعد فاعلية كبيرة في تحسين إنتاجية الموظّفين، والاستفادة من جُهودهم بشكلٍ أفضل لتحقيق أهداف الشركة. 

إعادة تعريف مفهومي العمل عن بُعد، والعمل الهجين

أصبحت المرونة ميزة تنافسية مهمة – في كلٍ من التوظيف، والبحث عن الوظائف في عالم ما بعد كوفيد، حيث استقبلت الوظائف عن بُعد فقط – والتي مثّلت حوالي 20% من جميع الوظائف الشاغرة بموقع التوظيف المشهور LinkedIn – حوالي نصف طلبات التوظيف عمومًا. وأشارت دراسة أخرى لمعهد ADP: احتمالية أن يستقيل 64% من الموظّفين في حال عودتهم للعمل من المكتب بدوام كامل! ما يعني أنه وبرغم تمسّك بعض المديرين بأساليب العمل التقليدية: لم يعُد العمل عن بُعد، والعمل الهجين مفاهيمًا هامشية أبدًا.

الاهتمام بالتنوع والشمولية في مكان العمل، وضمان توافر بيئة عمل صحية ومتوازنة 

تركّز مُعظم الشركات مؤخرًا على ملفّات التنوّع، والمُساواة، والشمولية، وعدالة الأجور، ومُحاربة التمييز، والعُنصرية، والتحرّش. بالإضافة إلى دعم رفاهية الموظّف النّفسية، والجسدية خلال دورة حياته داخل الشّركة – من التوظيف إلى التقاعد، وتنمية شعور الموظّفين بالانتماء لبيئة وثقافة العمل. وفقًا لTrailant: خطّطت حوالي 79% من الشّركات في عام 2022 لزيادة ميزانية العمل على هذه المبادئ – المجموعة في مُصطلح (DEIB) – وهي الحروف الأولى من كلمات التنوع، والمُساواة، والشمولية، والانتماء. ووضعت بعض الشركات المٌبادرات وحملات التوعية الخاصة بDEIB على مواقعهم الإلكترونية – كجزء من مبادئ الشّركة نفسها وهويّتها، بل وعيّنت 49% من شركات فورتشن مثلًا: مسؤولين مُختصين لإدارة هذه المبادئ، وترسيخها، والتأكيد على وجودها في بيئة العمل، ولمحاولة ربطها بأهداف الشركة الرئيسية. وبالرّغم من أهمية هذه الملفّات من الناحية التُجارية للشركة، إلا أنها مهمّة جدًا على الجانب الإنساني والمهني. من المُبادرات التي يُتوقّع أن تظهر بشكلٍ أكبر مُستقبلًا: 

  • محاربة التمييز العرقي في منظومات الرعاية الصحية، وفي التمثيل الوظيفي.
  • تطوير استراتيجيات طويلة المدى توفّر التنوع والشمولية بين المديرين، وضمان حصول جميع الأشخاص بغض النّظر عن لونهم، أو عرقهم، أو توجّهاتهم، أو إعاقاتهم حتى للحصول على نفس الفرص في التوظيف والترقّي.
  • ربط تعويضات الموظّفين بمبادئ وتوصيات DEIB.

استخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي في تحليل البيانات وتطوير استراتيجيات التوظيف

بدأت أغلب الشّركات بالفعل في أتمتة عمليات الموارد البشرية بالكامل في عام 2023، ويُتوقّع أن تعتمد 80% من 2000 شركة عالمية على الموارد البشرية الحسابية بالكامل بحلول عام 2024 – وفقًا لدراسة IDC. أتمتت التقنيات الحديثة عمليات كثيرة مثل التوظيف، والفصل، وتدريب الموظّفين، وتحليل البيانات، وقياس الأداء، وغيرها بمزيد من السلاسة، والدقة. وأشار تقرير PWC إلى النتائج المُبهرة التي جنتها بعض الشركات التي استخدمت برامج الذكاء الاصطناعي في إدارة 40% فقط من عمليات الموارد البشرية، حيث تضمنّت: زيادة قاعدة الموظّفين المحتملين، وسرعة عملية التوظيف، وتحسين المُشاركة الفعّالة في بيئة العمل، والمساعدة في الإبقاء على الموظّفين وتقليل معدّل دورانهم.

سهّل صعود الموارد البشرية الحسابية الوصول إلى قدر كبير من البيانات، وتحليلها، وإيصالها للمديرين، ومُساعدتهم على اتّخاذ قرارات موزونة في صالح الشّركة، والموظّفين، وعلى دعم مبادئ العمل ككل. وبالرغم من ظهور تحديّات جديدة نتيجة للتدخّل التقني الحديث مثل تراجع التواصل الإنساني، والتّشاركية في العمل، وحماية سرية البيانات، وغيرها، إلا أن هذه التقنيات لا تتوقف عن التغلّب على نفسها في إيجاد حلول أكثر ملاءمة لطبيعة وتحدّيات كل عمل. 

اقرأ عن: أنظمة بيزات لإدارة عملية الموارد البشرية.

تطوير مهارات العمال وتدريبهم باستمرار، بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل المتغير 

اهتمّت الشركات في عالم ما بعد جائحة كورونا باستراتيجيات تدريب وتطوير الموظّفين، وإكسابهم المهارات الأساسية المرتبطة بأدوارهم الوظيفية، وسد الفجوات المعرفية التي تعوق تقدّمهم ونموّهم المهني – والذي يُعتبر السبب رقم 1 من الأسباب التي تدفع بالموظّفين للاستقالة – وفقًا لتقرير ماكينزي. وبالرغم من إدراك 87% من الشّركات لقُصور مهارات موظّفيها، واستراتيجيات التعلّم بها، إلا أن 40% فقط من الموظّفين قد شهدوا تحرّكًا من شركاتهم لسد هذا الخلل!

الاستثمار في تدريب وتطوير العُمال من أهم سبُل تحقيق الموارد البشرية لتحوّلات إيجابية فارقة في مسار أي شركة. وقد تتطلّب هذه العملية قدرًا كبيرًا من الإبداع، والابتكار، والمرونة، وإعادة اكتشاف طرُقًا جديدة للتعلّم التشاركي، والتواصل مع الموظّفين لفهم تحدّياتهم، ورؤيتهم بشأن مواضيع تدريبهم، والطريقة التي يتلقّون بها التدريبات، وتقييم مهاراتهم بشكل فردي قبل وأثناء وبعد التدريب.

تحسين تجربة الموظفين وزيادة رضاهم من خلال تقديم مزايا جديدة ومتنوعة 

أولَت الشركات في السنوات الأخيرة عناية كبيرة بمبادئ الصّحة والسلامة النفسيّة والجسدية في بيئة العمل، والتركيز على رفاهية الموظّف الكاملة بعد تهميش دام لعقود طويلة، حيث وجدت دراسة حديثة لماكينزي: أن واحدًا من كل أربعة موظّفين حول العالم يُعاني من ضغط العمل، والاحتراق الوظيفي، وأشارت لوجود فجوة بنسبة 22% بين ما يعنيه مُصطلح “رفاهية الموظّف” بالنسبة لكلٍ من الموظّفين وأصحاب العمل. كما أكّدت على الارتباط الوثيق بين الاحتراق الوظيفي، وثقافة العمل السّامة

ماذا نتوقّع أن يحدث مُستقبلًا بخصوص ملف تجربة الموظّفين؟

تكمن الإجابة على هذا السؤال في مُصطلح “المؤسسّة الصحيّة”، وهو نَهج، واتّجاه تنظيمي ومؤسّسي شامل يركّز على الرفاهية الكاملة، ويتجاوز مبادئ الصحّة والسلامة الجسدية ليصل إلى توفير المرونة الكافية للموظّفين، وزيادة فُرص تدريبهم وتمكينهم في عملهم. ويتكون إطار عمل المؤسّسة الصحية من العناصر التالية:

  • الصحّة الجسدية.
  • الصحة النفسيّة.
  • الاستقرار المالي، وعدالة الأجور.
  • الصحّة الاجتماعية، وخدمة المُجتمع.
  • الأمن والرفاهية في مكان العمل.
  • بناء ثقافة عمل صحيّة بين أفراد المنشأة.

ومن السهل توقّع أن تُصبح صحيّة بيئة العمل اتّجاهًا رائجًا يُدعّم انتاجية الموظّفين، ويزيد من رضاهم الوظيفي، ويساعد على الاحتفاظ بهم لمدّة زمنية أكبر في خدمة أصحاب الأعمال – فيما يخدم أهداف ومصالح الطّرفين.

إطار عمل المؤسّسة الصحية

دخول الموارد البشرية في الميتافيرس metaverse

تخيّل عالمًا يمكنك فيه إجراء اجتماع مع فريق العمل على شاطئ بحر أو جزيرة، أو توثيق عملك، وإرسال رسائل البريد الإلكتروني، وتدوين ملاحظاتك أثناء التجوّل في محطّة فضائية، أو الانتقال مثلًا من مكتب الشّركة في الريّاض إلى مكتب دبي – دون التحرّك من مكانك! هذا بالضبط ما سمح به الميتافرس من خلال نظرة ثورية تُعيد النّظر لمفهوم مساحة العمل بالكامل دون قيود، وبناء مساحة مُتكاملة يستطيع الجميع فيها القيام بعمله دون مشقّة، وبالاعتماد على موارد غير محدودة قد لا تسمح المساحة المادّية بتوفيرها – ما يُساعد حتّى على دمج فئات كثيرة من المجتمع – كأصحاب الهمم مثلًا.

يُصبح الميتافرس – مع التقدّم التقني – واقعًا تُعايشه الكثير من الشّركات الآن. وفقًا لتقرير CNBC، تستثمر كل من ميتا، وأبل، ومايكروسوفت بشكلٍ رئيسي في الواقع اللإفتراضي، ويتحدّى كلٌ منهم حدود ما توصّل إليه الآخر، وقدُرات الذّكاء الصّناعي لفعل المزيد. وتلعب إدارة الموارد البشرية دورًا مهمًا في اقتناص هذه الفرص، ورسم واقعًا جديدًا للشركات في ضوء هذا التغيير عن طريق: 

  • تطوير استراتيجيات جديدة للعمل الهجين في ظل الاعتماد على الواقع الافتراضي.
  • تصميم مساحة العمل الافتراضية، ووضع تصوّرات لاستخدامها على النحو الأمثل.
  • تحديد أدوار، وأهداف كل فرد من أفراد الشّركة، وتوجيه المُديرين بخصوص هذه البيئة الجديدة.
  • حماية بيئة العمل الافتراضية من سوء الاستخدام، ووضع قواعد معيّنة لهذا الغرض مثل: “التزام الموظّف في مساحة العمل الافتراضية بعدم القيام بأي شيء لا يُمكنه فعله في مقرّ العمل الحقيقي”.
دخول الموارد البشرية في الميتافيرس metaverse

يفتح الميتافرس أبوابًا عدّة لإعادة خلق بيئة عمل إبداعية تعاونية مُنتجة. تستطيع الاجتماع بموظّفيك على طاولة دائرية مثلًا للنقاش بشكل ودّي، ولسماع أرائهم في مُناخ يتّسم بالأريحية وبالقُرب منهم، كما تستيطع الالتقاء بهم على طاولة مُستطيلة لإطلاعهم على القرارات في مُناخ يُظهر التسلسل الوظيفي، ويؤكّد على ضرورة الامتثال، والالتزام بالخطط المُعلنة. كل هذه مُجرّد أمثلة لما يُمكن للواقع الافتراضي صُنعه في بيئة العمل، وما يقع على الموارد البشرية هو تنظيم هذه الإمكانيات بشكل يُساعد الشّركة على التقدّم في تحقيق أهدافها الكُبرى، دون تضييع الوقت في الذّهول أمام هذه المد التّقني، وفي الدخول في تجارب تقنيّة دون تخطيط واعٍ.

خلاصة

تتجه الموارد البشرية في عام 2023 إلى الاهتمام برفاهية موظّفي الشركة، وإلى بناء بيئة عمل قوية من خلال الاستثمار في مهارات موظفيها، وقدراتهم الذّاتية، ومن خلال التخطيط المُحكم، المبني على دراسات صحيحة لبيئة وثقافة العمل – سواءً الواقعية أو الافتراضية. وتحتاج الشّركات في ضوء هذه المتغيّرات إلى تبنّي نظرة حداثيّة، تقبل بالتغيير، وتتعامل معه بما يفيد مصالحها، وأن يثق أصحاب الأعمال في إدارة الموارد البشرية، وأن يعوّلوا عليها في التعامل مع كافة أقسام الشركة، وفي إدارة استراتيجيات التغيير بصلاحيات كاملة – مع أخذ الحذر، نعم – ولكن دون إعاقتهم، أو تعطيلهم بوازع الخوف من التجديد.

منصة واحدة. إمكانات لا تعد.

تزودك منصة بيزات بمختلف الأدوات والحلول التقنية الحديثة لإنجاز مهامك بكفاءة وسهولة، وتقدّم لموظفيك ومسؤولي الموارد البشرية تجربة استثنائية بمعايير عالمية.

اطلب عرضك التجريبي الآن

بيزات منصة متكاملة لإدارة الموارد البشرية ومسير الرواتب في السعودية

تمكنك منصة بيزات من أتمتة إدارة الموارد البشرية ومسير الرواتب، من الترحيب بالموظفين وحتى احتساب نهاية الخدمة؛ وتقدم لموظفيك تجربة استثنائية بمعايير عالمية.

جدول المحتويات

تقدِّم منصة بيزات حلولًا فعالة وجاهزة لمديري الموارد البشرية

تمكنك منصة بيزات من أتمتة إدارة الموارد البشرية ومسير الرواتب، من الترحيب بالموظفين وحتى احتساب نهاية الخدمة؛ وتقدم لموظفيك تجربة استثنائية بمعايير عالمية.

عاصر جميع الموظّفون حول العالم تغيّرات غير مسبوقة في عام 2023، بعدما دفع التحوّل التقني والأتمتة الشّركات بخطًا سريعة نحو المُستقبل، وتطوّرت العلاقة بين صاحب العمل والموظّف عن سابق عهدها. وبالرّغم من الدّور القيادي الذي لعبته إدارات الموارد البشرية في إدارة التغيير والأزمات في سنوات الجائحة – وما تلاها من ازدياد التضخّم، والتباطؤ الاقتصادي، إلا أنها دائمًا ما خاطرت بفقدان السيطرة على التحوّلات الجذرية في مبادئ، وطرُق العمل البديهية التي اعتدنا عليها لسنوات. تصدّرت إدارة الموارد البشرية المشهد، وكانت الجائحة فرصة لظهور الجانب الاستراتيجي، والتنظيمي المحوري لهذه الوظيفة. وضربت الكثير من الشّركات أمثلة رائعة في مواكبة هذه الكارثة، والحد من خسائر المبيعات والموظّفين على مدار ثلاث سنوات. 

نتعرّض في هذا المقال لعدد من التوجّهات الصاعدة في نظام إدارة الموارد البشرية، والتي نتوقّع بأن تستمر في التأثير على شكل، وثقافة العمل، والتي نؤمن كذلك بضرورة الاطلاع عليها لمواكبة التغيير الحتمي القادم.

 

توقّعات إدارة الموارد البشريّة للعام 2023

توقّعات إدارة الموارد البشريّة للعام 2023 – تطوّرات ما بعد جائحة كوفيد – 19

يصف دايف ميلنر – المؤسّس والشريك الاستشاري بHR Curator هذه المرحلة بأنها التوقيت الأمثل لأي اختصاصي للموارد البشرية يدخل التغيير، والتحدّي، والابتكار، والنمو الشخصي تحت حيّز اهتمامه. وفيما يلي أهم النقاط التنافسية في اختصاصات عمل إدارة الموارد البشرية للعام 2023:

إعادة تعريف مفهومي العمل عن بُعد، والعمل الهجين

اتّجهت شركات عريقة – مثل فورد، ومايكروسوفت، وأمازون – بعد جائحة كوفيد: لتبنّي أساليب عمل تتماشى مع احتياجات الموظّفين، وتخدم انتاجيتهم بشكلٍ أكبر – كالعمل عن بُعد، والعمل الهجين. وفقًا لتقرير Zippia المنشور عام 2023: فإن ما يقرُب من 74% من شركات الولايات المتحدة إما اعتمدت – أو تخطط لاعتماد – أسلوب العمل الهجين بصفة دائمة، ويرجع ذلك لمزاياه الكبيرة التي اكتشفها الموظّفون وأصحاب العمل وقت الجائحة. ففضلًا عن توفير نفقات العمل، وتحقيق المرونة، والرّضا الوظيفي، والثقة المُتبادلة، والمُشاركة بالعمل: أثبتت أساليب العمل عن بُعد فاعلية كبيرة في تحسين إنتاجية الموظّفين، والاستفادة من جُهودهم بشكلٍ أفضل لتحقيق أهداف الشركة. 

إعادة تعريف مفهومي العمل عن بُعد، والعمل الهجين

أصبحت المرونة ميزة تنافسية مهمة – في كلٍ من التوظيف، والبحث عن الوظائف في عالم ما بعد كوفيد، حيث استقبلت الوظائف عن بُعد فقط – والتي مثّلت حوالي 20% من جميع الوظائف الشاغرة بموقع التوظيف المشهور LinkedIn – حوالي نصف طلبات التوظيف عمومًا. وأشارت دراسة أخرى لمعهد ADP: احتمالية أن يستقيل 64% من الموظّفين في حال عودتهم للعمل من المكتب بدوام كامل! ما يعني أنه وبرغم تمسّك بعض المديرين بأساليب العمل التقليدية: لم يعُد العمل عن بُعد، والعمل الهجين مفاهيمًا هامشية أبدًا.

الاهتمام بالتنوع والشمولية في مكان العمل، وضمان توافر بيئة عمل صحية ومتوازنة 

تركّز مُعظم الشركات مؤخرًا على ملفّات التنوّع، والمُساواة، والشمولية، وعدالة الأجور، ومُحاربة التمييز، والعُنصرية، والتحرّش. بالإضافة إلى دعم رفاهية الموظّف النّفسية، والجسدية خلال دورة حياته داخل الشّركة – من التوظيف إلى التقاعد، وتنمية شعور الموظّفين بالانتماء لبيئة وثقافة العمل. وفقًا لTrailant: خطّطت حوالي 79% من الشّركات في عام 2022 لزيادة ميزانية العمل على هذه المبادئ – المجموعة في مُصطلح (DEIB) – وهي الحروف الأولى من كلمات التنوع، والمُساواة، والشمولية، والانتماء. ووضعت بعض الشركات المٌبادرات وحملات التوعية الخاصة بDEIB على مواقعهم الإلكترونية – كجزء من مبادئ الشّركة نفسها وهويّتها، بل وعيّنت 49% من شركات فورتشن مثلًا: مسؤولين مُختصين لإدارة هذه المبادئ، وترسيخها، والتأكيد على وجودها في بيئة العمل، ولمحاولة ربطها بأهداف الشركة الرئيسية. وبالرّغم من أهمية هذه الملفّات من الناحية التُجارية للشركة، إلا أنها مهمّة جدًا على الجانب الإنساني والمهني. من المُبادرات التي يُتوقّع أن تظهر بشكلٍ أكبر مُستقبلًا: 

  • محاربة التمييز العرقي في منظومات الرعاية الصحية، وفي التمثيل الوظيفي.
  • تطوير استراتيجيات طويلة المدى توفّر التنوع والشمولية بين المديرين، وضمان حصول جميع الأشخاص بغض النّظر عن لونهم، أو عرقهم، أو توجّهاتهم، أو إعاقاتهم حتى للحصول على نفس الفرص في التوظيف والترقّي.
  • ربط تعويضات الموظّفين بمبادئ وتوصيات DEIB.

استخدام التقنيات الحديثة مثل الذكاء الاصطناعي والتعلّم الآلي في تحليل البيانات وتطوير استراتيجيات التوظيف

بدأت أغلب الشّركات بالفعل في أتمتة عمليات الموارد البشرية بالكامل في عام 2023، ويُتوقّع أن تعتمد 80% من 2000 شركة عالمية على الموارد البشرية الحسابية بالكامل بحلول عام 2024 – وفقًا لدراسة IDC. أتمتت التقنيات الحديثة عمليات كثيرة مثل التوظيف، والفصل، وتدريب الموظّفين، وتحليل البيانات، وقياس الأداء، وغيرها بمزيد من السلاسة، والدقة. وأشار تقرير PWC إلى النتائج المُبهرة التي جنتها بعض الشركات التي استخدمت برامج الذكاء الاصطناعي في إدارة 40% فقط من عمليات الموارد البشرية، حيث تضمنّت: زيادة قاعدة الموظّفين المحتملين، وسرعة عملية التوظيف، وتحسين المُشاركة الفعّالة في بيئة العمل، والمساعدة في الإبقاء على الموظّفين وتقليل معدّل دورانهم.

سهّل صعود الموارد البشرية الحسابية الوصول إلى قدر كبير من البيانات، وتحليلها، وإيصالها للمديرين، ومُساعدتهم على اتّخاذ قرارات موزونة في صالح الشّركة، والموظّفين، وعلى دعم مبادئ العمل ككل. وبالرغم من ظهور تحديّات جديدة نتيجة للتدخّل التقني الحديث مثل تراجع التواصل الإنساني، والتّشاركية في العمل، وحماية سرية البيانات، وغيرها، إلا أن هذه التقنيات لا تتوقف عن التغلّب على نفسها في إيجاد حلول أكثر ملاءمة لطبيعة وتحدّيات كل عمل. 

اقرأ عن: أنظمة بيزات لإدارة عملية الموارد البشرية.

تطوير مهارات العمال وتدريبهم باستمرار، بما يتوافق مع متطلبات سوق العمل المتغير 

اهتمّت الشركات في عالم ما بعد جائحة كورونا باستراتيجيات تدريب وتطوير الموظّفين، وإكسابهم المهارات الأساسية المرتبطة بأدوارهم الوظيفية، وسد الفجوات المعرفية التي تعوق تقدّمهم ونموّهم المهني – والذي يُعتبر السبب رقم 1 من الأسباب التي تدفع بالموظّفين للاستقالة – وفقًا لتقرير ماكينزي. وبالرغم من إدراك 87% من الشّركات لقُصور مهارات موظّفيها، واستراتيجيات التعلّم بها، إلا أن 40% فقط من الموظّفين قد شهدوا تحرّكًا من شركاتهم لسد هذا الخلل!

الاستثمار في تدريب وتطوير العُمال من أهم سبُل تحقيق الموارد البشرية لتحوّلات إيجابية فارقة في مسار أي شركة. وقد تتطلّب هذه العملية قدرًا كبيرًا من الإبداع، والابتكار، والمرونة، وإعادة اكتشاف طرُقًا جديدة للتعلّم التشاركي، والتواصل مع الموظّفين لفهم تحدّياتهم، ورؤيتهم بشأن مواضيع تدريبهم، والطريقة التي يتلقّون بها التدريبات، وتقييم مهاراتهم بشكل فردي قبل وأثناء وبعد التدريب.

تحسين تجربة الموظفين وزيادة رضاهم من خلال تقديم مزايا جديدة ومتنوعة 

أولَت الشركات في السنوات الأخيرة عناية كبيرة بمبادئ الصّحة والسلامة النفسيّة والجسدية في بيئة العمل، والتركيز على رفاهية الموظّف الكاملة بعد تهميش دام لعقود طويلة، حيث وجدت دراسة حديثة لماكينزي: أن واحدًا من كل أربعة موظّفين حول العالم يُعاني من ضغط العمل، والاحتراق الوظيفي، وأشارت لوجود فجوة بنسبة 22% بين ما يعنيه مُصطلح “رفاهية الموظّف” بالنسبة لكلٍ من الموظّفين وأصحاب العمل. كما أكّدت على الارتباط الوثيق بين الاحتراق الوظيفي، وثقافة العمل السّامة

ماذا نتوقّع أن يحدث مُستقبلًا بخصوص ملف تجربة الموظّفين؟

تكمن الإجابة على هذا السؤال في مُصطلح “المؤسسّة الصحيّة”، وهو نَهج، واتّجاه تنظيمي ومؤسّسي شامل يركّز على الرفاهية الكاملة، ويتجاوز مبادئ الصحّة والسلامة الجسدية ليصل إلى توفير المرونة الكافية للموظّفين، وزيادة فُرص تدريبهم وتمكينهم في عملهم. ويتكون إطار عمل المؤسّسة الصحية من العناصر التالية:

  • الصحّة الجسدية.
  • الصحة النفسيّة.
  • الاستقرار المالي، وعدالة الأجور.
  • الصحّة الاجتماعية، وخدمة المُجتمع.
  • الأمن والرفاهية في مكان العمل.
  • بناء ثقافة عمل صحيّة بين أفراد المنشأة.

ومن السهل توقّع أن تُصبح صحيّة بيئة العمل اتّجاهًا رائجًا يُدعّم انتاجية الموظّفين، ويزيد من رضاهم الوظيفي، ويساعد على الاحتفاظ بهم لمدّة زمنية أكبر في خدمة أصحاب الأعمال – فيما يخدم أهداف ومصالح الطّرفين.

إطار عمل المؤسّسة الصحية

دخول الموارد البشرية في الميتافيرس metaverse

تخيّل عالمًا يمكنك فيه إجراء اجتماع مع فريق العمل على شاطئ بحر أو جزيرة، أو توثيق عملك، وإرسال رسائل البريد الإلكتروني، وتدوين ملاحظاتك أثناء التجوّل في محطّة فضائية، أو الانتقال مثلًا من مكتب الشّركة في الريّاض إلى مكتب دبي – دون التحرّك من مكانك! هذا بالضبط ما سمح به الميتافرس من خلال نظرة ثورية تُعيد النّظر لمفهوم مساحة العمل بالكامل دون قيود، وبناء مساحة مُتكاملة يستطيع الجميع فيها القيام بعمله دون مشقّة، وبالاعتماد على موارد غير محدودة قد لا تسمح المساحة المادّية بتوفيرها – ما يُساعد حتّى على دمج فئات كثيرة من المجتمع – كأصحاب الهمم مثلًا.

يُصبح الميتافرس – مع التقدّم التقني – واقعًا تُعايشه الكثير من الشّركات الآن. وفقًا لتقرير CNBC، تستثمر كل من ميتا، وأبل، ومايكروسوفت بشكلٍ رئيسي في الواقع اللإفتراضي، ويتحدّى كلٌ منهم حدود ما توصّل إليه الآخر، وقدُرات الذّكاء الصّناعي لفعل المزيد. وتلعب إدارة الموارد البشرية دورًا مهمًا في اقتناص هذه الفرص، ورسم واقعًا جديدًا للشركات في ضوء هذا التغيير عن طريق: 

  • تطوير استراتيجيات جديدة للعمل الهجين في ظل الاعتماد على الواقع الافتراضي.
  • تصميم مساحة العمل الافتراضية، ووضع تصوّرات لاستخدامها على النحو الأمثل.
  • تحديد أدوار، وأهداف كل فرد من أفراد الشّركة، وتوجيه المُديرين بخصوص هذه البيئة الجديدة.
  • حماية بيئة العمل الافتراضية من سوء الاستخدام، ووضع قواعد معيّنة لهذا الغرض مثل: “التزام الموظّف في مساحة العمل الافتراضية بعدم القيام بأي شيء لا يُمكنه فعله في مقرّ العمل الحقيقي”.
دخول الموارد البشرية في الميتافيرس metaverse

يفتح الميتافرس أبوابًا عدّة لإعادة خلق بيئة عمل إبداعية تعاونية مُنتجة. تستطيع الاجتماع بموظّفيك على طاولة دائرية مثلًا للنقاش بشكل ودّي، ولسماع أرائهم في مُناخ يتّسم بالأريحية وبالقُرب منهم، كما تستيطع الالتقاء بهم على طاولة مُستطيلة لإطلاعهم على القرارات في مُناخ يُظهر التسلسل الوظيفي، ويؤكّد على ضرورة الامتثال، والالتزام بالخطط المُعلنة. كل هذه مُجرّد أمثلة لما يُمكن للواقع الافتراضي صُنعه في بيئة العمل، وما يقع على الموارد البشرية هو تنظيم هذه الإمكانيات بشكل يُساعد الشّركة على التقدّم في تحقيق أهدافها الكُبرى، دون تضييع الوقت في الذّهول أمام هذه المد التّقني، وفي الدخول في تجارب تقنيّة دون تخطيط واعٍ.

خلاصة

تتجه الموارد البشرية في عام 2023 إلى الاهتمام برفاهية موظّفي الشركة، وإلى بناء بيئة عمل قوية من خلال الاستثمار في مهارات موظفيها، وقدراتهم الذّاتية، ومن خلال التخطيط المُحكم، المبني على دراسات صحيحة لبيئة وثقافة العمل – سواءً الواقعية أو الافتراضية. وتحتاج الشّركات في ضوء هذه المتغيّرات إلى تبنّي نظرة حداثيّة، تقبل بالتغيير، وتتعامل معه بما يفيد مصالحها، وأن يثق أصحاب الأعمال في إدارة الموارد البشرية، وأن يعوّلوا عليها في التعامل مع كافة أقسام الشركة، وفي إدارة استراتيجيات التغيير بصلاحيات كاملة – مع أخذ الحذر، نعم – ولكن دون إعاقتهم، أو تعطيلهم بوازع الخوف من التجديد.

منصة واحدة. إمكانات لا تعد.

تزودك منصة بيزات بمختلف الأدوات والحلول التقنية الحديثة لإنجاز مهامك بكفاءة وسهولة، وتقدّم لموظفيك ومسؤولي الموارد البشرية تجربة استثنائية بمعايير عالمية.

اطلب عرضك التجريبي الآن

تقدِّم منصة بيزات حلولًا فعالة وجاهزة لمديري الموارد البشرية

تمكنك منصة بيزات من أتمتة إدارة الموارد البشرية ومسير الرواتب، من الترحيب بالموظفين وحتى احتساب نهاية الخدمة؛ وتقدم لموظفيك تجربة استثنائية بمعايير عالمية.

فريق بيزات
فريق بيزات